ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 25
(1-49)

وحده ولاسيما ماينطلق من النوى الجامعة لتلك الثمرات، تلك هي قلوب البشر وقواهم الحافظة المسماة بظهر القلب.. لايمكن باي حال من الاحوال ان يدعها سبحانه لأغتصاب الأغيار فيهوّن من شأن عظمة ربوبيته وعزتها مخلاً به معبوديته. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وكذا، لما كانت مقاصد الربوبية قد تمركزت في الجزئيات التي هي في منتهى دائرة الممكنات والكثرة، بل تمركزت حتى في جزئيات احوال تلك الجزئيات، وفي جزئيات اطوارها التي تمتد الى المعبودية وتتوجه الى المعبود سبحانه.. ولما كان جميع انواع الامتنان والحمد والثناء وجميع اضراب الشكران والعبادات ناشئة من تلك الجزئيات، فلا شك انه سبحانه لا يسلّمها الى الأغيار، فلا يفسد حكمته الجليلة بهذا التسليم، ولايسقط ألوهيته المهيبة بهذا الافساد. لان اهم المقاصد الربانية في خلق الموجودات، هو تعريف وتحبيب نفسه سبحانه الى ذوي الشعور، ودفعهم الى تقديم حمدهم وشكرهم وثنائهم له وحده.
ولاجل هذا السر الدقيق فان الافعال والآلاء، الجزئية منها والكلية، المتمركزة في منتهى دائرة الكثرة، كالرزق والشفاء ولاسيما الاهتداء والايمان وامثالها من الافعال والآلاء التى تنتج الشكر وتبعث على العبادة والحمد والمحبة والعبودية والثناء؛ انما هي احسان مباشر لرب العالمين وانعام مباشر لسلطان الموجودات وأثر مباشر لهدايته وفعله. ومن اجل إراءة ذلك يُسند القرآن الكريم مكرراً الرزق والهداية والشفاء الى الواجب الوجود. ويبين ان احسان كل منها انما هو خاص به وحده ومنحصر به وحده، وفي الوقت نفسه يردّ رداً قوياً تدخل الاغيار في تلك الافعال الجليلة(1).
نعم ان نعمة الايمان التي تُكسب دار سعادة ابدية لاتكون الاّ نعمة

(1) كقوله تعالى: ﴿ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين - المؤلف.

لايوجد صوت