ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 5
(1-49)

قطعاً، إذ تحال تلك الاعاشة الجزئية كذلك الى الاسباب والمصادفة والطبيعة، فتفقد قيمتها كلياً بل تفقد ماهيتها.
ومثلاً: ما ان يُنظر الى الشفاء من مرض عضال، بنظر التوحيد حتى يتجلى جمال شفقة الرحيم تجلياً باهراً كاملاً على وجه إحسان الشفاء الى جميع المرضى الراقدين في المستشفى الكبير المسمى بالارض وإسعافهم بأدوية ناجعة وإغاثتهم بعلاجات شافية تؤخذ من الصيدلية العظمى المسماة بالعالم. ولكن هذا الفعل الجزئي - منحة الشفاء - المتسم بالعلم والبصيرة والشعور إن لم يُنظر اليه بنظر التوحيد، فان الشفاء يسند الى خاصيات الادوية الجامدة والى القوة العمياء والطبيعة الصماء. فتفقد تلك المنحة الرحمانية ماهيتها وحكمتها وقيمتها كلياً.
ولمناسبة هذا المقام وردت الى الخاطر نكتة لطيفة من نكات الصلوات على الرسول الكريم y ابيّنها هنا:
ان الصلوات الآتية مشهورة ومذكورة كثيراً لدى الشافعية، فهم يقرأونها عقب اذكار الصلاة: ((اللّهم صلّ على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمدٍ بعدد كل داءٍ ودواءٍ وبارك وسلّم عليه وعليهم كثيراً كثيراً)).
هذه الصلوات المباركة تحوز اهمية عظيمة؛ لأن حكمة خلق الانسان وسر جامعية استعداده هو الالتجاء الى خالقه الكريم والتضرع اليه والقيام بحمده والشكر له، في كل وقت وحين، بل في كل دقيقة وآن، لذا فان اقوى دافع مؤثر وسائق فعال يحث الانسان الى الالتجاء الى الحضرة الإلهية ويسوقه اليها هو الامراض والاسقام، مثلما أن انواع الشفاء وأجناس الادوية وألوان العافية والمعافاة هي في مقدمة النعم اللذيذة والآلاء الطيبة التي تبعث في الانسان الشكر لله بشوق كامل وتدفعه الى الحمد والامتنان له بكامل معانيهما. ولاجل كل ذلك غدت هذه الصلوات الشريفة على الرسول الكريم y ذات قيمة رفيعة ومغزى

لايوجد صوت