اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 137
(119-150)

النفس الأمارة بالسوء وكبح لجماحها؛ لذا أصبح منافقو المدينة المنورة في ذلك الوقت أمام هذه الاسس الايجابية المتينة وامثالها كالخفافيش أمام تلك الشمس الساطعة والسراج المنير فأغمضوا أعينهم عنها، فارتموا في احضان القوة الدافعة الشيطانية، وظلوا في الضلالة ولم ينجذبوا بجاذبية القرآن العظمى وحقائقه الخالدة.
 واذا قيل:
لما كان الرسول الاكرم y حبيبً رب العالمين ولا ينطق إلاّ بالحقّ ولا يملك إلاّ الحقيقة، وقد أمدّه الله في غزواته بملائكةٍ جنوداً مسوّمين، وارتوى جيش كامل من غرفة من ماء تفجّر من بين أصابعه، وشَبَعَ ألف من الناس بشاةٍ مطبوخة وحفناتٍ من قمح، وهزم الكفار بقبضة من تراب رماها على عيونهم ودخلت تلك القبضة من التراب في عين كل كافر ان قائداً ربانياً يملك امثال هذه المعجزات الباهرة وكثيراً غيرها، كيف يُغلب في نهاية اُحُد وبداية حُنَين؟.
الجواب: ان الرسول y قد اُرسل الى البشرية كافة، قدوةً واماماً ورائداً، كي تتعلم منه مناهج الحياة الاجتماعية والشخصية ودساتيرهَا، وتَتعود على الانقياد لقوانين الارادة الإلهية الحكيمة وتنسجم مع دساتيرها الربانية. فلو كان الرسول y مستنداً الى المعجزات وخوارق العادات في جميع أفعاله الشخصية منها والاجتماعية لما تسنّى له ان يكون إماماً مطلقاً ولا قدوةً كاملة حسنة للبشرية قاطبةً.
ولهذا السبب لم يُظهر y المعجزات الاّ تصديقاً لدعواه، بشكل متفرق، عند الحاجة، لكسر عناد المنكرين. أما في سائر الأوقات فقد كان y مراعياً بكل دقة لقوانين عادة الله ولسننه الجارية، ومطيعاً طاعة كاملة لنواميسه المؤسسّة على الحكمة الربانية والمشيئة الإلهية،

لايوجد صوت