اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 139
(119-150)

الضلالة، ويستمرىء الاضرار والجرائم الناجمة في ظلمات الظلم. فيكون اذن قريناً للشيطان ومتقمصاً لماهيته..
نعم، ان الدليل القاطع على وجود شياطين الجنّ هو وجود شياطين الانس.
ثانياً: ان مئات الدلائل القطعية في (الكلمة التاسعة والعشرين) لاثبات وجود الملائكة والعالم الروحاني، هي بدروها دلائل لاثبات وجود الشياطين ايضاً. نحيل إليها.
ثالثاً: ان وجود الملائكة الذين هم بحكم الممثلين والمشرفين على ما في أمور الخير الموجودة في الكون من قوانين كما أنه ثابت باتفاق الاديان، كذلك وجود الشياطين والارواح الخبيثة الذين هم ممثلو الامور الشريرة والمباشرون لها وتدور حولهم قوانينها، فانه قطعي الثبوت حكمةً وحقيقة. بل قد يكون وجود سببٍ وستارٍ مستتر من كائن ذي شعور في ممارسة الامور الشريرة اكثر ضرورةً، وذلك لعجز كل شخص أن يرى الحسنَ الحقيقي لجميع الامور، كما ذكرنا في مستهل (الكلمة الثانية والعشرين). فلأجل الاّ تحدّثه نفسُه باعتراضٍ على امور الخالق سبحانه بما يُتوهم من نقصٍ او شرّ ظاهريين، ويتهم رحمته او ينتقد حكمته او يشكو بغير حقٍ، جعل الخالق الكريم الحكيم العليم وسائط واسباباً ظاهرية مادية ستاراً لأمور قَدَره، وحُجُباً لتتوجه اليها الاعتراضات والانتقادات والشكاوى، ولا تتوجه اليه سبحانه وتعالى. فقد جعل الامراض والمصائب مثلاً أسباباً وستاراً للأجل، لكي لا تتوجه الاعتراضات وتصل الى مَلَك الموت (عزرائيل عليه السلام). وجعل مَلَكَ الموت نفسه حجاباً لقبض الارواح، لئلا تتوجه الشكاوى والانتقادات الناتجة من الأمور التى يُتوهم أنها بغير رحمة إليه سبحانه وتعالى.. وهكذا وبقطعية اكثر اقتضت الحكمة الرّبانية وجود الشياطين لتتوجه اليهم الاعتراضات الناشئة من الشرور والأضرار والفساد.

لايوجد صوت