اللمعات | اللمعة الثالثة عشرة | 141
(119-150)

الجواب: لقد أثبتنا في الاشارات السابقة وفي رسائل متفرقة أخرى:
أن الكفر والضلالة تجاوزٌ شنيع وتعدّ رهيب، وجريمة تتعلق بجميع الموجودات. ذلك لأن اهل الكفر والضلالة يرفضون الغاية السامية لخلق الكائنات التي نتيجتها العظمى عبودية الانسان وتوجّهه بالإيمان والطاعة والانقياد للربوبية الإلهية. فانكارهم هذه النتيجة العظمى للكون – التي هي العلة الغائية وسبب بقاء الموجودات – نوعٌ من تعدٍ على حقوق جميع المخلوقات.
وحيث ان الموجودات قاطبة تتجلى فيها الاسماء الإلهية الحسنى وكأن كلُ جزء منها مرآة تعكس تجليات أنوار تلك الاسماء المقدسة، فيكتسب ذلك الجزء اهميةً بها ويرتفع منزلةً، فان انكار الكافر لتلك الاسماء الحسنى ولتلك المنزلة الرفيعة للموجودات واهميتها مو اِهانةٌ عظيمة وتحقير شديد فوق كونه تشويهاً ومسخاً وتحريفاً ازاء تلك الاسماء.
وكذلك فان كل مخلوق في هذا الكون قد أوكل اليه وظيفة، وكل جزء أُنيط به أمر، أي أن لكل شيءٍ في الوجود مهامّ معينة، فهو اذن بمثابة مأمورٍ وموظف ربّاني. فالكافر بكفره يسلبه تلك الوظيفة المهمة ويجعله جامداً لا معنى له، وفانياً لا غاية له، فيهينه بذلك ويحقّره. وهكذا يظهر تعدّي الكفر ويتبين تجاوزه على حقوق الموجودات جميعها.
ولما كانت الضلالة بأنواعها المختلفة – كلٌ حسب درجتها – تنكر الحكمة الرّبانية في خلق الكائنات، وترفض المقاصد الإلهية في بقاء العالم، فان الموجودات بدورها تتهيج، والمخلوقات تثور، والكائنات تغضب على الكفر وأهله.

لايوجد صوت