الجواب: ان الله جلّ وعلا يبين لنا – بهذه الصورة – كمالَ رحمته وسعتَها وجمالَ كونه رحيماً بعباده.
السؤال الرابع:
ان الانتصارات التي يحرزها اهل الضلالة والقوة والصلابة التي يظهرونها، وتغلبهم على اهل الهداية تُظهر لنا أنهم يستندون الى حقيقة ويركنون الى قوة، فاما أن هناك ضعفاً ووهناً في أهل الهداية، أو أن في هؤلاء الضالين حقيقة وأصالة!.
الجواب: كلا ثم كلا.. فليس في أهل الهداية ضعف ولا في أهل الضلالة حقيقة، ولكن مع الاسف يُبتلى جمعٌ من قصيري النظر – من السذج الذين لا يملكون موازين – بالتردد والانهزام، فيصيب عقيدتَهم الخللُ بقولهم: لو أنّ اهل الحق على صدق وصواب لكان ينبغي الاّ يُغلَبوا ولا يُذَلوا الى هذا الحد. اذ الحقيقة قوية وان القاعدة الاساسية هي: (الحق يعلو ولا يُعلى عليه)(1) ولو لم يكن اهل الباطل – الذين يصدّون ويغلبون اهل الحق – على قوة حقيقة وقاعدة رصينة ونقطة استناد متين، لما كانوا يَغلبوا اهل الحق ويتفوقون عليهم الى هذه الدرجة.
وجواب ذلك: لقد اثبتنا في الاشارات السابقة اثباتاً قاطعاً: ان انهزام اهل الحق أمام أهل الباطل لا يتأتى من أنهم ليسوا على حقيقة ولا من أنهم ضعفاء، وان انتصار أهل الضالة وتغلبهم ليس ناشئاً من قوتهم ولا من وجود مستندٍ لهم. فمضمون تلك الاشارات السابقة بأجمعها هو جواب هذا السؤال، ولكننا نكتفي هنا بالاشارة الى دسائسهم وشيء من اسلحتهم المستعملة.
----------------
(1) (الإسلام يعلو ولا يعلى): رواه الدارقطني والضياء في المختارة والروياني عن عائد بن عمر والمزني رفعه، والطبراني والبيهقي عن معاذ رفعه، وعلقه البخاري في صحيحه. والمشهور على الألسنة زيادة (على) آخراً، بل هي رواية احمد. والمشهور ايضاً على الألسنة: الحق يعلو ولا يعلى عليه (كشف الخفاء 1/127).