اللمعات | المقام الثاني | 162
(160-172)

وهي علامة الرحيمية، تلك العلامة السامية، الظاهرة من لطائف الرأفة الإلهية ودقائق شفقتها وأشعة رحمتها المنطبعة على سيماء الماهية الجامعة للانسان، بحيث يتوجه اسم (الرحيم) الذي في (بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم) اليها ويدل عليها.
أي أن (بِسم الله الرَّحمٰنِ الرَّحيم) عنوان قدسي لثلاث آيات من آيات الأحدية، حتى أنه يشكل سطراً نورانياً في كتاب الوجود، ويخط خطاً ساطعاً في صحيفة العالم، ويمثل حبلاً متيناً بين الخالق والمخلوق. أي أن (بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم) نزولاً من العرش الأعظم يرتبط طرفه ونهايته بالانسان الذي هو ثمرة الكائنات ونسخة العالم المصغرة، فيربط الفرش بالعرش الأعظم، ويكون سبيلاً ممهداً لعروج الانسان الى عرش كمالاته.
السر الثاني:
ان القرآن الكريم يبين دوماً تجلي (الأحدية) ضمن تجلي (الواحدية) ليحول دون غرق العقول وتشتتها في تلك (الواحدية) الظاهرة في مخلوقات كثيرة لا يحصرها العد.
ولنوضح ذلك بمثال.
الشمس تحيط بضيائها بما لا يحدّ من الاشياء. فلأجل ملاحظة ذات الشمس في مجموع ضيائها يلزم ان يكون هناك تصورٌ واسع جداً ونظر شامل. لذا تُظهرُ الشمس ذاتها بوساطة انعكاس ضوئها في كل شيء شفاف، أي يُظهِر كلُ لماعٍ حسبَ قابليته جلوةَ الشمس الذاتية مع خواصِها كالضياء والحرارة، وذلك لَئلا تُنسى ذاتُ الشمس. ومثلما يُظهِر كلُ لماع الشمسَ بجميع صفاتها حسب قابليته، تحيط ايضاً كل صفةٍ من صفات الشمس كالحرارة والضياء والوانه السبعة بكل ما يقابلها من اشياء.
ولا مشاحة في الامثال (ولله المثل الأعلى) فكما ان لله سبحانه الأحد الصمد تجلٍ في كل شيء بجميع اسمائه الحسنى، ولا سيما في الأحياء، وبخاصة في مرآة ماهية الانسان. كذلك كل اسم من اسمائه

لايوجد صوت