اللمعات | المقام الثاني | 164
(160-172)

وانقذ نفسك من هول الوحشة المطلقة، وخلصها من آلام حاجات لا نهاية لها، وتقرب الى ذي العرش المجيد، وكن مخاطباً أميناً وخليلاً صادقاً له، بأنوار تلك الرحمة ورأفتها.
نعم! ان حشدَ الكائنات وجمعَها حول الانسان ضمن حكمةٍ مقدّرة، وجعلَ كلٍ منها يمد يد العون اليه لدفع حاجاته المتزايدة، نابع بلاشك من احدى حالتين اثنتين: فإما أن كل نوع من أنواع الكائنات يعرف الانسان ويعلم به فيطيعه ويسعى لخدمته، أي أن هذا الانسان الغارق في عجز مطلق يملك سلطان مطلق!! (وهذا بعيد كل البعد عن منطق العقل فضلاً عما فيه من محالات لا تحد).. أو أن هذا التعاون والامداد انما يتم بعلم محيط لقادر مطلق محتجب وراء الكائنات.. أي أن أنواع والامداد انما يتم بعلم محيط لقادر مطلق محتجب وراء الكائنات.. أي أن أنواع الكائنات لا تعرف هذا الانسان لتمد له يدَ العون، وانما هي دلائل على مَن يعرف هذا الانسان ويرحمه، ويعلم بحاله.. وهو الخالق الرحيم.
فيا أيها الانسان!
عُدْ الى رشدك! أوَ يمكن ألاّ يعلم بك وألاّ يراك هذا الرب الرحيم، وهو الذي دفع المخلوقات لمعاونتك ملبية جميع حاجاتك؟
فما دام سبحانه يَعلم بك ويُعلمك بعلمه هذا باسباغ رحمته عليك، فما عليك الا بذل الجهد لمعرفته، والسعي لاظهار معرفتك له بتوقير أوامره.
واعلم يقيناً انه ليست الا حقيقة الرحمة الإلهية – التي تسع الحكمة والعناية والعلم والقدرة – قد سخرتْ لك هذه الكائنات، وجَعَلَتها طوع ارادتك، وأنت المخلوق الضعيف الصغير العاجز الفقير الفاني.
فرحمةٌ عظيمة الى هذا الحد، واسعةٌ الى هذا القدر.. لاشك أنها تطلب منك شكراً كلياً خالصاً، وتعظيماً لا يشوبه شيء.

لايوجد صوت