اللمعات | المقام الثاني | 165
(160-172)

فاعلم انه لا يترجم لك ذلك الشكر الكلي والتعظيم الخالص الاّ (بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم). فقله واتخذه وسيلة لبلوغك تلك الرحمة الواسعة، واجعله شفيعاً لَك لدى الرحمن الرّحيم.
حقاً! ان وجود الرحمة وظهورها أظهر من الشمس في كبد السماء؛ اذ كما يحصل نسجُ نقشٍ جميل في المركز من تناسق لحمته وسُداه ومن انتظام اوضاع خيوطٍ تمتد من كل جهة نحو المركز.. فان خيوط شعاع النور النابع من تجلي ألف اسم واسم من الاسماء الحسنى، والممتدة الى هذا الكون الشاسع تنسج على سيمائه نسيجاً في غاية الروعة والجمال ضمن اطار الرحمة السابغة، حتى يظهِر للعقول – أوضح من الشمس للعيون – ختماً واضحاً للرحيمية، ونقشاً رائعاً للشفقة والرأفة، وشعاراً بديعاً للعناية.
نعم، ان الذي ينظم الشمس والقمر والعناصر والمعادن والنباتات والحيوانات، وينسقها جميعاً بأشعة ألف اسم واسم، كأنها لحمةُ نقشٍ وسُداه، وخيوطه النورانية، ويسخرها جميعاً في خدمة الحياة.. والذي يُظهر رأفته وشفقته على الخلق اجمعين بما اودع في الوالدات – من نبات وحيوان – تلك الشفقة الحلوة اللذيذة تجاه صغارها.. والذي أظهر أسطع تجليات رحمته، وأجمل نقوش ربوبيته سبحانه، يتسخيره الأحياء لحياة الانسان، مبيناً به منزلة الانسان لديه وأهميته عنده.. هو الرحمن ذو الجمال الذي جعل رحمته الواسعة هذه شفيعة مقبولة مأنوسة لدى غناه المطلق، يتشفع بها ذوو الحياة والانسان المفتقر فقراً مطلقاً الى تلك الرحمة.
فيا أيها الانسان!
ان كنت انساناً حقاً، فقل: (بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم) لتظفر بذلك الشفيع.
انه بديهي، بل مشاهَد ان الرحمة هي التي تربي طوائف النباتات والحيوانات التي تربو على أربعمائة ألف طائفة، رغم تباينها وتنوعها.. وهي التي تدير أمورها جميعاً بلا التباس ولا نسيان ولا

لايوجد صوت