اللمعات | المقام الثاني | 166
(160-172)

اختلاط، وفي أنسب وقت وأكمل نظام وأتم حكمة وأوفق عناية، حتى وضَعَتْ بهذه الادارة والتربية طابعَ الاحدية وختمها على سيماء الارض.
نعم، ان وجود تلك الرحمة ثابت وقطعي كوجود الموجودات المبثوثة على الارض، كما أن دلائل تحققها بعدد تلك الموجودات.
ومثلما نشاهد على وجه الارض آية الاحدية وسمتها وختم الرحمة وطابعها، فان على سيماء الماهية المعنوية الانسانية أيضاً طابع الرحمة.. هذا الطابع والختم ليس بأقل وضوحاً من ذلك الذي على وجه الارض، ولا من ذلك الذي على وجه الكائنات.. بل ان سمة هذه الرحمة لها من الجامعية والشمول حتى كأنها بؤرة لامة لأنوار تجليات الاسماء الحسنى.
فيا أيها الانسان!
ان الذي وهب لك هذه السيماء المعنوية، ووضع عليها الرحمة وخَتمها بختم الاحدية، أمن الممكن أن يتركك سدىً، ولا يكترث بك ولا يهتم ولا يراقب أعمالك وحركاتك؟ أوَ من الممكن أن يجعل حركة جميع الكائنات المتوجهة اليك عبثاً لا طائل من ورائها؟ أو يجعل شجرة الخلقة العظيمة شجرة تافهة، وثمرتها ثمرة فاسدة؟ أم هل يمكن أن يضع رحمته الظاهرة ظهور الشمس - والتي لا تحتمل شكاً ولا ريباً – ويضع حكمته الواضحة وضوح النور، موضعَ الانكار والجحود؟ كلا.. ثم كلا.. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فيا أيها الانسان!
اعلم ان لبلوغ عرش تلك الرحمة معراجاً.. ذلك المعراج هو: (بِسم الله الرَّحمنِ الرَّحيم).
فان شئت أن تعرف مدى أهمية هذا المعراج ومدى عظمته ومكانته فانظر الى مستهل سور القرآن الكريم البالغة مائة واربع عشرة سورة، وانظر بدايات كل كتاب قيم، ولاحظ بدء كل أمر ذي بال. حتى يُعدّ حجة

لايوجد صوت