اللمعات | اللمعة الثانية والعشرون | 294
(287-298)

جلب الاعجاب بنفسه وكأن على الناس الانقياد له وطاعته. وتجعلهم يقبلون يدك مع أنك لا وظيفة لك في الدولة؟
الجواب: ان على منفذي القانون تنفيذه على انفسهم اولاً ثم يمكنهم اجراؤه على الاخرين. فاجراء دستور على الآخرين دون انفسكم يعني مناقضتكم لدستوركم وقانونكم قبل كل احد لانكم تطلبون اجراء قانون المساواة المطلقة هذا عليّ بينما لم تطبقوه انتم على انفسكم.
وانا أقول: متى ما صعد جندي اعتيادي الى مقام المشير الاجتماعي، وشارك المشير فيما يوليه الناس من احترام واجلال، ونال مثله ذلك الاقبال والاحترام.. او متى ما صار المشير جندياً اعتيادياً وتقلد احواله الخامدة، وفقد اهميته كلها خارج وظيفته.. وايضاً متى ما تساوى رئيس ذكي لاركان الجيش قادهم الى النصر مع جندي بليد في اقبال الناس عامة والاحترام والمحبة له، فلكم ان تقولوا حينذاك، حسب قانونكم، قانون المساواة: لا تسم نفسك عالماً. ارفض احترام الناس لك، انكر فضيلتك، إخدم خادمك ، رافق المتسولين.
فان قلتم: ان هذا الاحترام والمقام والاقبال الذي يوليه الناس، انما هو خاص بالموظفين واثناء مزاولتهم مهنتهم، بينما انت انسان لا وظيفة لك، فليس لك ان تقبل احترام الامة كالموظفين.
فالجواب: لو اصبح الانسان مجرد جسد فقط.. وظل في الدنيا خالداً مخلداً.. واُغلق باب القبر.. وقُتل الموت.. فانحصرت الوظائف في العسكرية والموظفين الاداريين.. فكلامكم اذاً يعني شيئاً. ولكن لما كان الانسان ليس مجرد جسد، ولا يُجرد من القلب واللسان والعقل ليعطى غذاءً للجسد، فلا يمكن افناء تلك الجوارح. فكل منها يطلب التغذية والعناية. ولما كان باب القبر لا يغلق، بل ان اجلّ مسألة لدى كل فرد هو قلقه على ما وراء القبر. لذا لا تنحصر الوظائف التي تستند الى احترام الناس وطاعتهم في وظائف اجتماعية وسياسية

لايوجد صوت