ومن هنا يختار القرآن الكريم اسلوب التهديد والانذار ليعبر عن هذا الاستحقاق وعن هذه الحقيقة المذكورة آنفاً، فيكون الاسلوب حقاً ومطابقاً تماماً لمقتضى الحال الذي هو البلاغة بعينها.
السؤال الثاني:
يقول صاحبنا الذي نبذ فكرة (الطبيعة) وتبرأ منها، وشَرُفَ بالإيمان بالله:
إن انقياد كل موجود، في كل شأن من شؤونه، وفي كل جزء من جزئياته، وفي كل ما يقوم به وينجزه، انقياداً مطلقاً للمشيئة الإلهية، والقدرة الربانية، هو حقيقة عظيمة جليلة، فهي لعظمتها وسعتها لاتستوعبها اذهاننا الكليلة القاصرة، علماً اننا نطالع عياناً وفرةً متناهيةً من الموجودات، وسهولة مطلقة في خلق الاشياء، وقد تحققت (السهولة في الايجاد) التي هي من مستلزمات (الوحدانية) بما اقمتموه من براهين وحجج قاطعة، فضلاً عن أن، القرآن الكريم قد قرر السهولة المطلقة صراحة في آيات كريمة كثيرة امثال:
﴿مَا خَلقُكمْ ولا بَعثُكمْ الاّ كنفَسٍ واحدةٍ﴾(لقمان:28)
﴿ومَا اَمرُ الساعَةِ إلاّ كلمحِ البَصرِ او هوَ اقرَبُ﴾(النحل:77).
كل ذلك يجعل تلك الحقيقة العظيمة (سهولة الايجاد) مسألة مقبولة جداً ومستساغة عقلاً، فأين يكمن سرُّ هذه السهولة ياترى وما الحكمة من ورائها؟
الجواب: لقد وضح ذلك السرّ وضوحاً تاماً ومقنعاً في (المكتوب العشرين) عند شرحه الآية الكريمة: ﴿وَهُوَ على كُلِ شَيءٍ قَديرٌ﴾ بما يفي بالغرض، وبخاصة في ذيله، حيث جاء التوضيح وافياً وشافياً جداً، ومقنعاً بالدليل والبرهان والاثبات القاطع، وخلاصته.
عندما يسند ايجاد الموجودات جميعها الى الصانع الواحد، يسهل الامر كسهولة أيجاد مخلوق واحد، بينما اذا اسند للكثرة يصعبُ -