فأنت مريض معنى، والعبادة هي البلسم الشافي لجراحات روحك، واوجاع ذاتك، وقد اثبتنا هذا الكلام في عديد من الرسائل.
ترى لو خاطب مريضٌ طبيباً رحيماً يشفق عليه ويصر عليه ليتناول دواءً شافياً يخص مرضه، لو خاطبه تجاه اصراره عليه قائلاً: ما حاجتك انت الى هذا الدواء حتى تلح عليّ هذا الالحاح الشديد بتناول الدواء؟ الا يفهم من كلامه مدى تفاهته وسخفه وغباء منطقه؟
اما نذير القرآن الكريم فيما يخص ترك العبادة وتهديده المخيف بعقاب اليم، فاليك تفسيره:
فكما ان سلطاناً يعاقب شخصاً سافلاً يرتكب جريمةً تمس حقوق الآخرين بعقاب صارم لاجل الحفاظ على حقوق رعاياه، كذلك سلطان الازل والابد يعاقب تارك العبادة والصلاة عقاباً صارماً، لانه يتجاوز تجاوزاً صارخاً على حقوق الموجودات ويظلمها ظلماً معنوياً بشعاً ويهضم حقوقها هضماً مجحفاً، تلك الموجودات التي هي رعاياه وخلقه. وذلك لان كمالاتها تتظاهر على صورة تسبيح وعبادة في وجهها المتوجه الى البارىء الحكيم سبحانه. فتارك العبادة لا يرى عبادة الموجودات ولن يراها، بل ينكرها وفي هذا بخس عظيم لقيمة الموجودات التي كلّ منها مكتوب سامٍ صمداني، قد خطّ بأيات العبادة والتسبيح وهو متوجه باياته وتسبيحه نحو الموجد الخالق جلّ وعلا.. وكل منها – ايضاً – مرآة لتجلي الاسماء الربانية المشعة بالانوار.. فينزل هذه الموجودات - بهذا الانكار - من مقامها الرفيع السامي، ولايرى في وجودها سوى العبث الخالي من المعنى، ويجردها من وظائفها الخلقية، ويظنها شيئاً هادماً ضائعاً لا اهمية له، فيكون بذلك قد استهان بالموجودات واستخف بها، واهان كرامتها وانكر كمالاتها، وتعدى على مصداقية وجودها.