اللمعات | اللمعة الثالثة والعشرون | 331
(299-336)

على هذه الكثرة – امر أيجاد مخلوق واحد بقدر صعوبة ايجاد جميع الموجودات .. فيكون خلق بذرة واحدة صعباً ومشكلاً كخلق شجرة.. ولكن اذا اسند (الايجاد) الى صانعه الحق سبحانه، يسهل الامر حتى يصبح أيجاد الكائنات كلها كايجاد شجرة واحدة، والشجرة كالبذرة، والجنة كالربيع، والربيع كالزهرة، فالامر يسهل ويكون هيناً.
وسنشير هنا اشارة مختصرة الى دليل او دليلين من بين مئات الادلة التي اوضحناها بالتفصيل في رسائل اخرى، تلك الادلة التي تبين ما يدور من الاسرار والحكم الكامنة فيما نشاهده من وفرة الموجودات التي لاحصر لها ورخصها، وكثرة افراد كل نوع منها، وورودها الى الوجود منتظمةً، متقنةً، وبكل سهولة ويسر.
مثال هذا: إن ادارة مائة جندي تحت إمرة ضابط واحد، اسهل بمائة ضعف من ادارة جندي واحد تحت إمرة مائة ضابط.
وعندما يُودَعُ أمرُ تجهيز جيش كامل باللوازم العسكرية، من مركز واحد، وبقانون واحد، ومن مصنع واحد، الى امرٍ يصدره قائد واحد، فان ذلك يكون سهلاً وهيناً من حيث الكمية والوفرة، بسهولة تجهيز جندي واحد.
بينما يكون ايداع أمر تجهيز جندي واحد باللوازم العسكرية الكاملة من مراكز متعددة ومصانع متعددة، الى قواد عديدين مشكلاً وصعباً من حيث الكمية والوفرة ايضاً بصعوبة تجهيز جيش كامل. اذ ينبغي عندئذ وجود مصانع كثيرة للتجهيزات بعدد ما يلزم جيشاً كاملاً، لاجل تجهيز الجندي الواحد.
ويشاهد ايضاً ان الشجرة الواحدة، التي تتزود بالمواد الضرورية لها من جذر واحد، ومن مركز واحد، وعلى وفق قانون واحد، تثمر الوف الثمرات، ويتم ذلك بسهولة ويسر كأن للشجرة ثمرة واحدة. بينما اذا استبدلت الكثرة بالوحدة، وسلك طريق الكثرة عوضاً عن طريق الوحدة، فزوّدت كل ثمرة بالمواد الضرورية للحياة من مراكز مختلفة، وجذور متباينة، يكون أيجاد ثمرة واحدة مشكلا وصعباً

لايوجد صوت