اللمعات | اللمعة الخامسة والعشرون | 367
(355-383)

ايها المريض المحروم من العبادة واورادها بسبب المرض! ويا ايها الآسف على ذلك الحرمان! اعلم انه ثابت في الحديث الشريف(1) ما معناه: ان المؤمن التقي يأتيه ثواب ما كان يؤديه من العبادة حتى في اثناء مرضه، فالمرض لا يمنع ثوابه. فان المريض المؤدي للفرائض – على قدر استطاعته – سينيب المرض عن سائر السنن ويحل محلها اثناء شدة المرض إنابة خالصة، لما يتجمل ذلك المريض بالصبر والتوكل والقيام بالفرائض، وكذا يشعر المرضُ الانسان بعجزه وضعفه، فيتضرع المريض بذلك العجز وذلك الضعف بالدعاء حالاً وقولاً. وما اودع الله سبحانه وتعالى في الانسان عجزاً غير محدود وضعفاً غير متناه الا ليلتجىء دائماً الى الحضرة الإلهية بالدعاء سائلا راجياً، حيث ان الحكمة من خلق الانسان والسبب الاساس لأهميته هو الدعاء الخالص بمضمون الآية الكريمة:
﴿قُل مَا يَعبَؤا بِكُم رَبي لَولا دُعاؤكُم﴾(الفرقان:77) ولكون المرض سبباً للدعاء الخالص، فلا تصح الشكوى منه، بل يجب الشكر لله؛ اذ لا ينبغي ان تُجَفف ينابيع الدعاء التي فجرها المرض عند كسب العافية.
الدواء الثالث عشر
ايها المسكين الشاكي من المرض! ان المرض يغدو كنزاً عظيماً لبعض الناس، وهدية إلهية ثمينة لهم. وباستطاعة كل مريض ان يتصور مرضه من هذا النوع، حيث ان الحكمة الإلهية اقتضت ان يكون الاجلُ مجهولاً وقته، انقاذاً للانسان من اليأس المطلق ومن الغفلة المطلقة، وابقاءاً له بين الخوف والرجاء، حفظاً لدنياه وآخرته من السقوط في هاوية الخسران.. أي أن الاجل متوقع مجيئه كل حين، فإن تمكن من الانسان وهو سادر غفلته يكبده خسائر فادحة في حياته

----------

(1) عن ابي موسى ان النبي y قال: (اذا مرض العبد او سافر، كتب الله تعالى له من الاجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) اخرجه احمد والبخاري.

لايوجد صوت