الاولى: هي الدنيا المتوجهة الى الاسماء الإلهية الحسنى، فهي مرآة لها.
الثانية: هي الدنيا المتوجهة نحو الآخرة، فهي مزرعتها.
الثالثة: هي الدنيا المتوجهة الى ارباب الدنيا واهل الضلالة، فهي لعبة اهل الغفلة ولهوهم.
ورأيت كذلك ان لكل احد في هذه الدنيا دنيا عظيمة خاصة به، فهناك اذن دنىً متداخلة بعدد البشر. غير ان دنيا كل شخص قائمة على حياته الشخصية، فمتى ما ينهار جسم شخص فإن دنياه تتهدم وقيامته تقوم. وحيث ان الغافلين لايدركون انهدام دنياهم الخاصة بهذه السرعة الخاطفة؛ فهم يفتنون بها، ويظنونها كالدنيا العامة المستقرة من حولهم.
فتأملت قائلاً: لاشك أن لي ايضاً دنيا خاصة – كدنيا غيري – تتهدم بسرعة – فما فائدة هذه الدنيا الخاصة اذن في عمري القصير جداً؟!.. فرأيت بنور القرآن الكريم ان هذه الدنيا – بالنسبة لي ولغيري – ما هي الاّ متجر مؤقت، ودار ضيافة تملأ كل يوم وتخلى، وهي سوق مقامة على الطريق لتجارة الغادين والرائحين، وهي كتاب مفتوح يتجدد للبارىء المصور، فيمحو فيه ما يشاء ويثبته بحكمة. وكل ربيع فيها رسالة مرصعة مذهبة، وكل صيف فيها قصيدة منظومة رائعة، وهي مرايا تتجدد مظهرة تجليات الاسماء الحسنى للصانع الجليل، وهي مزرعة لغراس الآخرة وحديقتها، وهي مزهرة الرحمة الإلهية، وهي مصنع موقت لتجهيز اللوحات الربانية الخالدة التي ستظهر في عالم البقاء والخلود. فشكرتُ الله الخالق الكريم اجزل شكر على خلقه الدنيا بهذه الصورة. بيد ان الانسان الذي مُنح حباً مقبلاً الى وجهي الدنيا الحقيقيين المليحين المتوجهين الى الاسماء الحسنى والى الآخرة، اخطأ المرمى وجانب الصواب عندما استعمل تلك المحبة في غير