اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 403
(384-464)

الدرس السماوي للقرآن الكريم.. وعندها سمعت بشارات ذلك الارشاد السماوي من خلال الاوامر الربانية المقدسة في قوله تعالى:
﴿وبشر الذين آمنوا…﴾(البقرة:25).
وبالفيض الذي اخذته من القرآن الكريم تحريت عن السلوة والرجاء والنور في تلك الامور التي ادهشتني وحيرتني في يأس ووحشة، دون البحث عنها في غيرها من الامور. فألف شكر وشكر للخالق الكريم على ما وفقني لان أجد الدواء في الداء نفسه، وأن أرى النور في الظلمة نفسها، وان اشعر بالسلوان في الالم والرعب ذاتهما.
فنظرت اول ما نظرت الى ذلك الوجه الذي يُرعب الجميع ويُتوهم أنه مخيف جداً.. وهو وجه (الموت) فوجدت بنور القرآن الكريم، ان الوجه الحقيقي للموت بالنسبة للمؤمن صبوح منور، على الرغم من ان حجابة مظلم والستر الذي يخفيه يكتنفه السواد القبيح المرعب. وقد اثبتنا واوضحنا هذه الحقيقة بصورة قاطعة في كثير من الرسائل وبخاصة في (الكلمة الثامنة) و (المكتوب العشرين) من ان الموت: ليس اعداماً نهائياً، ولا هو فراقاً ابدياً، وانما مقدمة وتمهيد للحياة الابدية وبداية لها. وهو إنهاء لأعباء مهمة الحياة ووظائفها ورخصة منها وراحة واعفاء، وهو تبديل مكان بمكان، وهو وصال ولقاء مع قافلة الاحباب الذين ارتحلوا الى عالم البرزخ.. وهكذا، بمثل هذه الحقائق شاهدت وجه الموت المليح الصبوح. فلا غرو لم انظر اليه خائفاً وجلاً، وانما نظرت اليه بشيء من الاشتياق – من جهة – وعرفت في حينها سراً من اسرار (رابطة الموت) التي يزاولها اهل الطرق الصوفية.
ثم تأملت في (عهد الشباب) فرأيت أنه يُحزن الجميع بزواله، ويجعل الكل يشتاقون اليه وينبهرون به، وهو الذي يمر بالغفلة والآثام، وقد مرّ شبابي هكذا! فرأيت أن ثمة وجهاً دميماً جداً بل مسكراً ومحيراً تحت الحلة القشيبة الفضفاضة الملقاة عليه، فلو لم اكن

لايوجد صوت