يسرّ قلب الانسان البائس العاشق للخلود، ويفرح روحه الولهان بعشق البقاء، هو ذلك اللهو البرىء والمتعة النزيهة وافراح ومسرات تخلد بثوابه، ضمن نطاق الشرع، مع اداء الشكر باطمئنان القلب وحضوره بعيداً عن الغفلة. ولئلا تقوى الغفلة في النفوس في الاعياد، وتدفع الانسان الى الخروج عن دائرة الشرع، ورد في الاحاديث الشريفة ترغيب قوي وكثير في الشكر وذكر الله في تلك الايام. وذلك لتنقلب نعم الفرح والسرور الى شكر يديم تلك النعمة ويزيدها، اذ الشكر يزيد النعم ويزيل الغفلة.
سعيد النورسي
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيْمِ
نكتة من نكات الآية الكريمة:
﴿انَّ النفسَ لأمارة بالسوء﴾(يوسف:53)
والحديث الشريف: (أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك)(1).
نعم! ان الذي يحب نفسه الامارة بالسوء – غير المزكاة – ويعجب بها، هو في الحقيقة لا يحب أحداً غيرها، وحتى لو ابدى للغير حباً فلا يحبه من صميم قلبه، بل ربما يحبه لمنافعه، ولما يتوقع منه من متاع. فهو في محاولة دائمة لتحبيب نفسه للآخرين وفي سعي متواصل لأثارة اعجابهم به، يصرف كل قصورٍ عن نفسه فلا يحملها أي نقص كان، بل يدافع دفاع المحامي المخلص لإبراء ساحتها، ويمدحها بمبالغات بل بأكاذيب لينزّهها عن كل عيب او قصور، حتى يقربها الى التقديس، بل يبلغ به الامر ان يكون مصداق الآية الكريمة ﴿من أتخذ ألهه هواه﴾(الفرقان:43) عندها تتوالى عليه صفعات هذه الآية الكريمة – حسب
----------
(1) (اعدى اعدائك نفسك التي بين جنبيك)، رواه البيهقي في الزهد باسناد ضعيف وله شاهد من حديث أنس.. والمشهور على الالسنة: اعدى عدوك.. إهـ (كشف الخفاء 1/143) قال العراقي في تخريج الاحياء (كتاب عجائب القلب): اخرجه البيهقي في كتاب الزهد من حديث ابن عباس، وفيه محمد بن عبدالرحمن بن غزوان احد الوضاعين. إهـ وقال الزبيدي في شرح الاحياء 7/206 تعقيباً على العراقي: ووجدتُ بخط ابن حجر ما نصه: وللحديث طرق اخرى غير هذه من حديث أنس.