اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 504
(465-515)

جواب عن سؤال
لا يسعني الوقت الكافي لعقد موازنة بين افكار كل من مصطفى صبري(1) وموسى باكوف(2) الا انني اكتفي بالقول الآتي:
ان احدهما قد افرط والآخر يفرط. فمع ان مصطفى صبري محق في دفاعاته بالنسبة الى موسى باكوف الا انه ليس له حق تزييف شخص محي الدين بن عربي الذي هو خارقة من خوارق العلوم الإسلامية.
نعم، ان محي الدين بن عربي مهتد ومقبول ولكنه ليس بمرشد ولاهاد وقدوة في جميع كتاباته، اذ يمضي غالباً دون ميزان في الحقائق، فيخالف القواعد الثابتة لأهل السنة, ويفيد بعض أقواله – ظاهراً – الضلالة غير انه برىء من الضلالة، اذ الكلام قد يبدو كفرا بظاهره، الا أن قائله لا يكون كافراً.
فمصطفى صبري لم يراع هذه النقاط بنظر الاعتبار ففرط في بعض النقاط لتعصبه لقواعد اهل السنة. أما موسى باكوف فهو يخطىء كثيراً بافكاره التي تماشي التمدن والمنحازة شديداً للتجدد. اذ يحرف بعض الحقائق الإسلامية بتأويلات خاطئة ويتخذ شخصاً مردوداً كابي العلاء المعري في مستوى اعلى من علماء الإسلام المحققين وقد غالى كثيراً لانحيازه الشديد الى تلك المسائل التي خالف فيها محي الدين اهل السنة والتي تنسجم مع افكاره.

-----------------

(1) مصطفى صبري (1869-1954م) تولى مشيخة الاسلام في الدولة العثمانية، قاوم الحركة الكمالية، هاجر الى مصر، ألف كتبا اهمها (موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين). – المترجم.
(2) موسى جار الله (باكوف) تركستاني، قازاني، شيخ الاسلام في روسيا قبل الثورة البلشفية، ألف ما يقارب (120) كتاباً في مختلف موضوعات الاسلام آراؤه تنحو منحى التجدد والتحرر، أيد الثورة مدة من الزمن تخلصاً من القيصرية ثم تبين له الامر، فسجن عدة مرات. سافر الى بلدان كثيرة، وأهم مؤلفاته: الوشيعة في نقض عقائد الشيعة- توفي في ملجأ العجزة بالقاهرة. – المترجم.

لايوجد صوت