بِسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ
أصْبَحنا(1) وَأصبَحَ المُلكُ للهِ شَهيدٌ. وَالكبرِيَاءُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالعَظَمَةُ للهِ شَهيدٌ. وَالهَيبَةُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالقُوَةُ شَهيدٌ. وَالقُدرَةُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالآلاُء للهِ شَهيدٌ(1). وَالاِنعامُ الدَّائِمُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالبَهاءُ للهِ شَهيدٌ. وَالجَمَالُ السرمَدُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالجَلالُ للهِ شَهيدٌ. وَالكَمالُ عَلى دَليلٌ
وَالعَظمُوتُ للهِ شَهيدٌ. وَالجَبَروتُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالرُبُوبيةُ للهِ شهيدٌ. وَالاُلوهيةُ المُطلَقَةُ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالسلْطَنَةُ للهِ شَهيدٌ. وَجُنُودُ السمواتِ وَالاَرضِ عَلى اللهِ دَليلٌ
وَالاَقضِيَةُ(2) للهِ شَهيدٌ. وَالتقَديرُ عَلى اللهِ دَليلٌ
------------------
(1) اصبحنا: أي دخلنا الصباح (صباحاً) ومُلك هذا الصباح شاهد لله ايضاً.
وفي الباب نكتتان:
النكتة الأولى: ان كل شىء بوجوده الحاضر يشهد على وجود الله ووحدانيته كما ان تبدّله المنظم وذهابه كي يفسح المجال لمن يأتي بعده من امثاله، وابرازه سلسلة عظيمة تحت صورة التجدّد.. كل ذلك دليل على وجود وجودع تعالى وعلى وحدانيته.
والحاصل: يدل بفقرة (شهيد) على الحالة الراهنة. وبجملة (دليل) يدل على السلسلة المتشكلة نتيجة تركب امثالها المتعاقبة.
النكتة الثانية: من المعلوم حسب القاعدة النحوية ان يقال: (الآلاء على الله شهيدة) ولكن عدل عن ذلك الى اللفظ المذكر (شهيد) ليدل على ان كل فرد يشهد بذلك. ولو قيل: (شهيدة) لأفاد معنى الجماعة. ويقال: (الربوبية على الله شهيد) مثلاً: لأن المراد من الربوبية هو: ان انواع التربية والتدبير التي أوجدها الله بربوبيته، تشهد بذلك، اذ الربوبية نفسها لاتشاهَد، بينما تشاهَد انواع التربية والتدبير التي هي آثارها. فقيل: (شهيد) ليجعل كل شىء مشهود. فلو قيل (شهيدة) لكان راجعاً الى الربوبية نفسها.
وكذلك النكتة في الآية الكريمة ﴿إِنَّ رَحمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مَنَ المُحِسِنينَ ﴾(الاعراف:56) فمع ان الرحمة مؤنثة لم يُعبر عنها بـ(قريبة) وانما عُبر ب(قريب) لأن المراد: ليس افادة قرب تلك الرحمة العالية الكلية التي هي كالشمس فقط. بل افادة قرب الاحسانات الخاصة ايضاً والتي هي بمثابة اشعة تلك الشمس. فيُرى لكل محسن احسان قريب. ولفظ (الاحسان) مذكر. فمن حقه اذن أن يخبر عنه بـ(قريب). كما أن الآية تفيد: ان الله قريب من المحسنين برحمته لذا لم يقل (قريبة). - المؤلف.
(1) في امثال هذا كان ينبغي ان يقال (شهيد) غير انه استعمل اللفظ المذكر للنكتة المذكورة في كلمة (قريب) بل (قريبة) في قوله تعالى ﴿إِنَّ رَحمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مَنَ المُحِسِنينَ ﴾(الاعراف:56). ولئن جاء في بعض الاماكن جمعاً، الاّ انه ورد بلفظ (شهيد) المذكر لأن المراد كل واحد. – المؤلف.