المقامات - ورأى مافيها بتلك الابصار كلها، منفتحةً من غير غضٍ ولاغمض.
فحمداً لله على ان وُفِّق على جمع الطريقة مع الحقيقة بفيض القرآن وارشاده، حتى بيّن برسائل النور التي ألفها (سعيد الجديد) حقيقة:
وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد(1)
النقطة الثانية:
لقد كان في سياحته وسلوكه ذلك السلوك في تلك المقامات، ساعياً بالقلب تحت نظارة العقل، وبالعقل في حماية القلب كالامام الغزالي والامام الرباني وجلال الدين الرومي. فبادر الى ضماد جراحات قلبه وروحه، وخلّص نفسه من الوساوس والاوهام. وبخلاصه منها انقلب سعيد القديم الى سعيد الجديد، فألّف بالعربية ماهو بحكم المثنوي الشريف - الذي هو أصلاً بالفارسية - رسائل عدة في أوجز العبارات. وكلما سنحت له الفرصة أقدم على طبعها، وهي: (قطرة، حباب، حبة، زهرة، ذرة، شمة، شعلة، ودروس اخرى) مع رسالتين بالتركية وهما: لمعات ونقطة. وبيّن ذلك المسلك في غضون نصف قرن من الزمان في (رسائل النور) التي لم تقتصر على جهاد النفس والشيطان، بل اصبحت شبيهة بمجموعة كلية واسعة من (المثنوي) تنقذ الحيارى المحتاجين وتنتشل المنساقين الى الضلالة من اهل الفلسفة.
النقطة الثالثة:
----------------------------------------------------------------------------------
(1) لابى العتاهية في ديوانه وينسب الى علي كرم الله وجهه ونسبه ابن كثير في تفسيره الى ابن المعتز.