ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | مقدمة المؤلف | 4
(1-8)

ان المناظرة الجارية بين ذينك السعيدين - سعيد القديم والجديد - كانت دافعة للشيطان، قاهرةً للنفس، حتى غدت (رسائل النور) طبيبة حاذقة لذوي الجراحات من طلاب الحقيقة، واصبحت مُلزمةً ومُسكتةً لأهل الالحاد والضلالة.
فتبيَّن ان هذا (المثنوي العربي) كان نواة لرسائل النور، وغرساً لها، يُخلِّص الناس من شبهات الشياطين من الانس والجن.. ولايخفى أن تلك المعلومات في حكم المشهودات، وأن يقين العلم كعين اليقين، يورث القناعة ويوجب الاطمئنان التام.
النقطة الرابعة:
لما كان اكثر اشتغال سعيد القديم بعلمَي الحكمة والحقيقة ويناظر عظماء العلماء ويناقشهم في أدق المسائل واعمقها، ويراعي درجة أفهام طلابه القدامى المطلعين على العلوم الشرعية العالية، فضلا عن انه يشير الى ترقياته الفكرية وفيوضاته القلبية، بأدق العبارات واقصر الجمل التي لايفهمها الاّ هو؛ لذا قد لا يدرك قسم منها - بعد جهد جهيد - إلاّ الراسخون في العلم.
فلو كانت تلك الخواطر القلبية مبيّنة بعبارات سهلة مفصلة وموضحة بايضاح يقربها الى الافهام لكان ذلك (المثنوي العربي) معينا تاماً لرسائل النور ومعاوناً لها في وظيفتها.
فتبيّن أن (المثنوي العربي) - وهو مشتل رسائل النور وغراسها - قد سعى كالطرق الخفية الى المعرفة الالهية، في تطهير الانفس والداخل من الانسان، فوفّق الى فتح الطريق من الروح والقلب.
بينما (رسائل النور) - التي هي بستانه اليانع - قد فتحت طريقاً واسعاً الى معرفة الله، بتوجهها الى الآفاق الكونية - كالطرق الجهرية - فضلا عن جهادها في الانفس، حتى وكأنها عصا موسى - عليه السلام - اينما ضربتْ فجّرت الماء الزلال.

لايوجد صوت