وكذا فان (رسائل النور) ليس مسلكها مسلك العلماء والحكماء، بل هو مسلكٌ مقتَبسٌ من الإعجاز المعنوي للقرآن يُخرج زلال معرفة الله من كل شئ، فيستفيد السالك في (رسائل النور) في لحظةٍ مالا يستفيده سالكو سائر المسالك في سنة..
وذلك سرٌ من اسرار القرآن يعطيه الله من يشاء من العباد ويدفع به هجوم اهل العناد.
النقطة الخامسة:
انك ترى في ثاني (المثنوي) اعني تلك المجموعة العربية، من المسائل والحقائق الدقيقة التي من شأنها أن يكون كلٌ منها موضوعاً لرسالة.. قد ذُكرتْ ضمن الفاظٍ ضيقة لاتَسعها، وفي سطور معدودة لاتستوعبها.. وافردت تلك المسائل بذكر: اعلم.. اعلم في اوائلها. فلاتظنن ان المسائل التي كل منها موضوعٌ لرسالة ومشيرٌ الى حقائق متخالفة بعضها عن بعض كلها من فن واحد، او عائد الى مقام واحد، او كاشف عن جواهر صَدفٍ واحد، قائلاً في نفسك: ان ذكر (اعلم) وتكراره في رؤوس هذه المسائل مما لافائدة له ولاطائل تحته؛ لأن كلاً منه عنوان وفهرس لرسالة وحقائق، وتكراره انما هو للاشارة الى مابين تلك المسائل من المغايرة.
فعلى القراء الكرام ان يضعوا هذه النقاط المذكورة آنفاً نصب اعينهم كيلا يبادروا الى الاعتراض(1).
سعيد النورسي
--------------------------------------------------------------------------------
(1) قد ترجم المترجم مقدمة هذا ( المثنوي) قرب صاحب (المثنوي الاول) -جلال الدين الرومي- في مدينة قونية في تركيا. وهذا ليس من التصادف ، بل فيه اشارة وحكمة لا اقدر ان اعبر عنها. (عبدالمجيد)