فقره، وشوق فاقته، وشوكة عبوديته، وشعلة قلبه وحشمة ايمان عقله. ثم انظر كيف صارت اسبابُ سقوطه من العجز والفقر والعقل اسبابَ صعوده بسبب تنورها بنور هذا الشخص النوراني!
ثم انظر الى الماضي، ذلك المزار(1) الاكبر في ظلماته، كيف استضاء بشموس الانبياء وبنجوم الاولياء! والى الاستقبال تلك الليلة الليلاء في ظلماته، كيف تنور بضياء القرآن وتكشف عن بساتين الجنان!.
فعلى هذا؛ لو لم يوجَد هذا الشخص لسقطت الكائناتُ والانسانُ، وكل شئ الى درجة العدم، لاقيمة ولااهمية لها، فيلزم لمثل هذه الكائنات البديعة الجميلة من مثل هذا الشخص الخارق الفائق المعرِّف المحقق، فاذا لم يكن هذا فلا تكن الكائنات، اذ لامعنى لها بالنسبة الينا. فما اصدق ما قالَ مَنْ (قوله الحق وله الملك) : (لولاكَ لَولاكَ لَما خَلقتُ الاَفلاكَ)..(1)
الرشحة السادسة:
فان قلت: مَن هذا الشخص الذي نراه قد صار شمساً للكون، كاشفاً بدينه عن كمالات الكائنات، وما يقول؟
قيل لك: انظر واستمع ما يقول! ها هو يخبر عن سعادة ابدية ويبشّر بها، ويكشف عن رحمة بلا نهاية، ويعلنها ويدعو الناس اليها. وهو دلاّلُ محاسن سلطنة الربوبية ونظّارُها، وكشافُ مخفيات كنوز الاسماء الالهية ومعرِّفها.
----------------
(1) المقبرة.
(1) اي: ان هذا حديث قدسي. وقد تكلم علماء محققون حول هذا الحديث ، فمنهم من اقره، ومنهم من ضعفه ومنهم من انكره ولعلّ قول على القاري في شرح الشفا (1 / 6) يعدّ خلاصة جيدة، اذ يقول: (انه صحيح معنىً ولو ضعف مبنى) وايده ابن تيمية من حيث صحة معناه في الفتاوى (11 / 96 - 98).