واسعة جامعة؛ بدرجة يعرف باليقين مَن لم يكن على عينه غين وفي قلبه رين، أنه ليس في الامكان اكمل من حكمته، واجمل من عنايته، واشمل من مرحمته، واجلّ من عدالته. فلو لم تكن في دائرة مملكته - في ملكه وملكوته - اماكن دائمة عالية، ومساكن قائمة غالية، وسواكن مقيمة خالدة، لتكون تلك الامور مظاهر لتظاهر حقائق تلك الحكمة والعناية والرحمة والعدالة، للزم حينئذٍ انكار هذه الحكمة المشهودة لذي عقل، وانكار هذه العناية المبصرة لذي بصيرة، وانكار هذه الرحمة المنظورة لذي قلب، وانكار هذه العدالة المرئية لذي فكر؛ وللزم قبول كون صاحب هذه الافعال الحكيمة الرحيمة الكريمة العادلة.. حاشا، ثم حاشا!.. سفيهاً لعّاباً وظالماً غدّاراً، فيلزم انقلاب الحقائق باضدادها. وهو محال باتفاق جميع اهل العقل غير السوفسطائي الذي ينكر وجود الاشياء، حتى وجود نفسه. فمن لم يصدّق فهو كالسوفسطائي، احمقَ من هبنقة المشهور الذي كان لايعرف الاّ نفسَه، ولايعرف نفسَه الاّ بقلنسوته، حتى اذا رآها على رأس أحد ظن انه نفسه!.. ففكرُ المنكِر كقلنسوة هذا!..
***
فيامن رافقني بفهمه من اول المسألة الى هنا! لاتظنّن انحصار الدلائل فيما سبق. كلا!.. بل يشير القرآن الحكيم الى مالايعد ولايحصى من امارات: ان خالقنا سينقلنا من هذا المشهر المؤقت الى مقرّ سلطنة ربوبيته الدائمة.. ويلوّح الى مالايحد ولايستقصى من علامات: أنه سيبدل هذه المملكة السيّالة السيارة بتلك المملكة المستمرة السرمدية..
وكذا لاتحسبنّ أنّ ما يقتضي الآخرة والحشر من الاسماء الحسنى، منحصرٌ على (الحكيم والكريم والرحيم والعادل والحفيظ) .