ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | لاسيما | 75
(57-79)

فيهِ ومَنْ اَصْدقُ من الله حديثاً﴾ (النساء:87) قُتلَ الانسانُ ما اكفره لايصدِّق حديث من هذه الموجودات كلماته الصادقة بالحق، وهذه الكائنات آياته الناطقة بالصدق؛ ويعتمد على هذيانات وهمِه وحماقات نفسِه واباطيل شيطانه، نعوذ بالله من الخذلان ومن شر النفس والشيطان..
ولاسيما: انا نشاهد في هذا العالم تظاهرات ربوبية محتشمة سرمدية، وآثار سلطنة مشعشعة مستقرة. وقس عظمة صاحب هذه الربوبية من كون هذه الارض بسكنتها كحيوان مسخّر مذلل تحت امره يحييها ويميت، ويربّيها ويدبّر. والشمس بسياراتها مسخرة منظمة بقدرته ينظمها ويدَوِّر، ويقدرها ويكوّر. مع ان هذه الربوبية السرمدية المستمرة والسلطنة المستقرة المحيطة بشهادة تصرفاتها العظيمة المحيّرة للعقول، لاتقومان على هذه الامور الزائلة الواهية المتبدلة السيّالة، ولاتبنيان على مثل هذه الدنيا الفانية المغيّرة المتخاذلة المنغّصة. بل لايمكن ان تكون هذه الدنيا في سرادقات هذه الربوبية الا كميدان بُنيت فيها منازل مؤقتة للتجربة والامتحان والتشهير والاعلان، ثم تُخرَّب وتبدل بقصور دائمة ويساق اليها الخلق. فبالضرورة لابدّ ان يوجد لربّ هذا العالم الفاني المتغير؛ عالمٌ آخر باقٍ مستقر. ومع ذلك قد اخبر كلُّ مَن ذهب من الظاهر الى الحقيقة من ذوي الارواح النيّرة والقلوب المنوّرة والعقول النورانية، ودخل في حضور قُربه سبحانه، انه اعدّ للمطيعين والعاصين دار مكافأة ومجازاة، وانه يَعِدُ وعداً قوياً ويوعد وعيداً شديداً، وهو اجلّ واقدس من ان يذلّ ويتذلّل بخلف الوعد، وأعلى واعزّ من ان يعجز عن انجاز الوعيد. مع ان المخبرين الذين هم الانبياء والاولياء والاصفياء متواترون، واهل اختصاص لمثل هذه المسألة وقد اجمعوا واتفقوا - مع تخالفهم في المسالك والمشارب والمذاهب - على هذا الإخبار الذي تؤيده الكائنات بآياتها. فهل عندك ايها الانسان حديثٌ اصدق من هذا الحديث؟ فهل يمكن ان يكون خبر اصدق من هذا الخبر وأحق؟.

لايوجد صوت