ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل القطرة | 148
(147-156)

مثلا: اذا قال المصلّي (الحمد لله) كانه يقول كلُّ المؤمنين المأمومين في مسجد الارض: نعم صَدَقتَ(1). فيتضاءل ويضمحل تكذيبُ الاوهام ووسوسة الشياطين. وكذا يستفيض كلّ من الحواس واللطائف حصةً وذوقاً وايماناً، ولايعوقها لِمَ؟ وكيف؟ ففي اول الوقت تنعقد الجماعةُ العظمى (للمتقين) ولإتفاق الصلوات الخمس في الاقوال والاركان لايخلّ اختلاف المطالع بخيال المصلي.. ولينظر المصلي وهو في مكانه الى الكعبة، وهي في مكانها لايجذبها اليه ولايذهب اليها ليتظاهر الصفوف، لايشتغل بها قصداً، بل يكفي شعورٌ تَبَعي. ومايُدريك لعل القَدر الذي لايَهملُ شيئاً من الاشياء يكتب باشكال هذه الصفوف المباركة المنتظمة في حركاتها سطوراً على صحائف عالَم المثال الذي من شأنه حفظ ما فيه دائماً..
رمز
اعلم! إنّي شاهدت في سيري في الظلمات، السُّنَن السَّنية نجوماً ومصابيح، كلُّ سنَّةٍ، وكلُّ حَدٍ شرعي يتلمع بين مالايُحصر من الطرق المظلمة المضلّة. وبالانحراف عن السنة يصير المرء لعبة الشياطين، ومركَب الاوهام، ومعرض الاهوال، ومطية الاثقال - امثال الجبال - التي تحملها السنةُ عنه لو اتّبعها.
وشاهدتُ السننَ كالحبالِ المتدلّية من السماء، من استمسك ولو بجزئي استَصعد واستسعد. ورأيتُ مَن خالَفَها واعتمدَ على العقل الدائر بين الناس، كمَن يريد ان يبلُغَ اسباب السموات بالوسائل الارضية فيتحمّق كما تَحمّقَ فرعونُ بـ ﴿ياهَامَانُ اِبنِ لِي صَرحَاً..﴾ (غافر:36).
--------------------

(1) حيث يقولون جميعاً : الحمد لله ، مثله.

لايوجد صوت