ان عملاً جاداً لاينجز مع اولئك الذين يرضون بأوهام براقة نابعة من سفسطة النفس ووسوسة الشيطان ويصمّون اذانهم عن البلاغ المبين والبراهين الساطعة بالتواتر والاجماع.. ألا إن الحجر الاساس لهذا الانقلاب العظيم يجب ان يكون متيناً صلداً.
ان الشخصية المعنوية لهذا المجلس العالي قد تعهدت معنى (السلطنة) بما تتمتع به من قوة، فان لم يتعهد - هذا البرلمان - معنى (الخلافة) وكالةً ايضاً ولم يقم بامتثال الشعائر الاسلامية ولم يأمر الآخرين بالقيام بها، اي اذا اخفق في تقديم (معنى الخلافة) ولم يستوف حاجة الأمة الدينية - هذه الامة التي لم تفسد فطرتها والمحتاجة الى الدين اكثر من حاجتها لوسائل العيش - والتي لم تَنس حاجتها الروحية تحت كل ضغوط المدنية الحاضرة ولهوها، فانها تضطر الى منح معنى الخلافة الى ما ارتضيتموه -تماماً- من اسم ولفظ. فتمنح له القوة والاسناد ايضاً لإدامة ذلك المعنى. والحال ان مثل هذه القوة التي ليست بيد المجلس ولا تأتي عن طريقه تسبب الانشقاق، وشق عصا الطاعة يناقض امر القرآن الكريم الذي يقول:
﴿واعتَصموا بِحَبلِ الله جَميعاً ولا تَفرَّقوا﴾(آل عمران:103).
ان هذا العصر عصر الجماعة، اذ الشخصية المعنوية - التي هي روح الجماعة - اثبت وامتن من شخصية الفرد. وهي اكثر استطاعة على تنفيذ الاحكام الشرعية. فشخصية الخليفة تتمكن من القيام بوظائفها استناداً الى هذه الروح المعنوية. ان الشخصية المعنوية تعكس روح العامة فان كانت مستقيمة فان اشراقها وتألقها يكون أسطع وألمع من شخصية الفرد، اما ان كانت فاسدة فان فسادها يستشري وفق ذلك. فالشر والخير محددان في الفرد، بينما لايحدهما حدود في الجماعة. فأياكم ان تمحقوا المحاسن التي نلتموها تجاه الخارج بابدالها شروراً في الداخل.