الحقيقة شيئاً؛ بل ما يتراءى لك فيها مقيد لايتحمل الصفات المطلقة. بل انما هو نوع عنوان لملاحظة الذات الاقدس..
واما اذا توجهت اليه بعنوان الموجود المجهول، تكشّف لك عن اشعة المعروفية.. وعن بروق شروق موصوفٍ لاتثقل ولا تتعاظم عليه هذه الصفات المطلقة المحيطة المتجلية في الكائنات، كما لا يثقل عليك حمل قميصك من الحرير الرقيق ومنديلك من الخز المنمنم(1).
اعلم! كفاك فخراً بلا نهاية - لا كفخرك بكمال كبرائك - ان يكون لك مالكٌ قدير على كل شئ. ومن اقتداره وهو هو الذي السموات مطويات بيمينه، والارض قبضته يوم القيامة، انه يربيك بشفقة أتمّ من شفقة ابويك، وانت انت: كقطرة في بحر، والبحر كنقطةٍ في صحراء، والصحراء كذرةٍ بين عظائم مصنوعاته؛ اذ هو نور الانوار العالمُ بالاسرار.. وليس من عظمة السلطان الانساني عدم اشتغاله بتفاصيل جزئيات الامور، بل من عَجزه وعدم اقتداره.. ومن عظمة سلطان الازل انه كما يكتب بقلم صُنعه على صحيفة السماء بمداد النجوم الدراري آيات الوُهيته، كذلك يكتب بذلك القلم على صحيفة سواد العين بمداد الجواهر الفردة آيات ربوبيته...
فسبحان مَن هذه الاجرام العلوية والكواكب الدرية نيّرات براهين الُوهيته وعظمته، وهذه المصابيح المزينة والنجوم المتبسمة شعاعات شواهد ربوبيته وعزته جلّ جلاله.
اعلم! ان الاسماء الحسنى كلٌ منها يتضمن الكلَّ اجمالاً، كتضمن الضياء للألوان السبعة.. وكذا كلٌ منها دليل على كلّ منها، ونتيجةٌ لكلٍ منها، بينها تعاكسٌ كالمرايا. فيمكن ذكرها كالقياس الموصول النتائج متسلسلاً، وكالنتيجة المترتبة الدلائل. إلا أن الاسم الاعظم الواحد يتضمن الكلَّ فوق هذا التضمن العام. فيمكن للبعض الوصول
-----------------------
(1) الحرير المنقش.