ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حبـة | 228
(207-231)

بكمال النشاط بل يموت وهو يضحك. وكما لاتغتم الثمرات بفراق الشجرة ولا النواة بانحلال الثمرة ولا انت بزوالها اذ تقولون(1) فلتحى الشجرة اذ في حياتها موتُنا حياةٌ.
ياهذا! انت ثمرة إنعاماته بل مجسَّمُ إنعاماته.
وسابعاً: لانه الغني المغني وبيده مقاليد كل شئ، اذا صرتَ عبداً خالصاً له، ثم نظرت الى الكائنات تراها ملكَ مالكك وحِشمته وحواشيه فتتنزه بها، كأنها ملكٌ لك بل أعلى، بلا كلفة ولا ألم زوال.. اذ الخادمُ الخالص للمَلِك والفاني في محبته يفتخر بكل ما للمَلِك..
وثامناً: لانه ربّ الانبياء والمرسلين والاولياء والمتّقين وكلهم مسعودون في رحمته، فعِلْمك بسعادتهم يعطيك في شقاوتك سعادةً ولذةً إن كنتَ ذا قلب.
اعلم! انه لايليق بك إن كان لك عقلٌ سليم أن تهتم وتغتم وتغضب وتصخب لما يأتيك او يفوتُك من امور الدنيا، لان الدنيا تزول لاسيما دنياك، ولاسيما انت؛ اذ لست بأبدي هنا، ولستَ من حديدٍ ولاشجر حتى يطول بقاؤك، بل من لحم متجدّد ودم متردد وروابط في غاية رقة تتأثر بادنى شئ. وقد تنقطع تلك، وينجمد هذا، ويتفسخ ذلك باختلال ذرتين، ولاسيما تَنفس فيك صبحُ المشيب وكَفنَ نصف رأسك.. ولاسيما تضيّفَت بل توطنت فيك العللُ التي هي طليعة الموت، والامراض التي هي مخالبُ هادم اللذات، مع ان امامك عمراً أبدياً ألقيته خلفك ظهرياً، انما ترتّبت راحته على سعيك هناك، مع انك في حرصك وشَرهَك كمن هو خالد وخَلُدَت له الدنيا خاصة.. فانتبه قبل ان تُنبّهك سكراتُ الموت..
اعلم! انك اذا توجهت اليه تعالى بعنوان المعلوم والمعروف يصير لك مجهولاً ومنكراً، اذ هذه المعلومية والمعروفية نتيجة الاُلفة العُرفية والتسامع التقليدي، والتداول الاصطلاحي، وهي لاتغني من

---------------------

(1) انت والنواة والثمرة

لايوجد صوت