ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | حبـة | 225
(207-231)

والحكمة الجديدة تفطنت لهذا السر لكن بلا وضوح، فلهذا اخطأت بالافراط فقالت: لاعدم مطلقاً، بل تركُّبٌ وانحلال(1). كلا! بل تركيب بصُنعه تعالى.. وتحليل باذنه.. وايجادٌ واعدام بأمره.. يَفعَلُ مَا يَشاءُ ويَحكُم مَا يُريدُ.
اعلم! ايها السعيد الشقي! ان القبر باب باطنه الرحمة، وظاهره من قبله العذاب.. وأودّاؤك ومَن تحبه اكثرهم - حتى كلهم - ساكنون خلف هذا الباب. ألَمْ يأنِ لك أن تشتاق اليهم والى عالمَهم.. فَتنظَّفْ، والاّ استقذروك.
لو قيل لك مثلاً: ان (الامام الرباني احمد الفاروقي) قُدس سره، ساكن الآن في الهند، لاقتحمتَ المهالك وتركتَ الاوطان لزيارته. مع ان تحت اسم احمد فقط الوفُ نجوم حول شمس مَن في الانجيل اسمه (احمد) وفي التوراة (اُحيد) وفي القرآن (محمد) .. وتحت اسم محمّد ملايين.. وهكذا كلهم خلف باب القبر في رحمة الله ساكنون. فلابد ان يكون نصب عينك دائماً (هذه الاساسات) وهي:
ان كنتَ له تعالى كان لك كلُّ شئ، وان لم تكن له كان عليك كلُّ شئ.
وكلُّ شئ بِقَدَرٍ، فارضَ بما آتاك تزد يُسْراً على يُسْرٍ، والاّ زدْتَ مرضاً على مرض.
المُلكُ له، ويشتريه منك ليبقيه لكَ.. ويزول مجاناً لو بقي عندك.
وانت فقيرٌ اليه من كُلِّ وجهٍ.
وانت مقيّدٌ بجهات اربع مسدودة. تُساق الى باب القبر المفتوح لك.
لالذة للقلب حقيقةً فيما لادوام فيه؛ تزول انتَ، وتزول دنياك، وتزول دنيا الناس.
----------------------

(1) انظر خاتمة (الطبيعة) - اللمعة الثالثة والعشرين- ففيها التوضيح الشافي لهذه المسألة.

لايوجد صوت