المضار العاجلة باحتمالٍ واحدٍ من عشرة احتمالات. فكيف لايتجنب من اضرّ المضرات بتسعة احتمالات بل بتسعة وتسعين؟!.
اعلم! ان في روح الانسان احتياجاتٍ لاتتناهى وقابليةً لتألمات لاتتناهى واستعداداً لتلذذات لاتتناهى ومهيءٌ لآمال والآم لاتتناهى؛ حتى ان الشفقة مع ضلالة القلب تتضمن آلاماً غير متناهية. كما ذكر في (قطرة) ، فليس لك ان تقول: ما انا ومَن انا وايُّ شئ انا حتى تقوم لي القيامة، ويوضَع لي الميزان، ويجري عليّ الحساب! فيا ايها الضال الشاك..! لاتغتر بهذه الحياة، فان لذتها معلقةٌ بمغلطة مربوطةٍ بالشك لأهل الضلالة. فيفرُّ الضالّ الشاك من دهشةِ ألم الزوال والفناء الى احتمال السعادة الابدية. ويفرُ ايضاً من تكلف تحمل التكاليف الدينية الى احتمال عدمِ الآخرة، فيتخلص بهذه المغلطة من الألَمين مؤقتاً. ففي قريب من الزمان تنحلُّ عليه العقدة، وتنكشف الحقيقة. فلا الاحتمال الاول، يهوِّن ألَمه بل يحسه كلَّ الألم دفعةَ، ولا الثاني، يخفف حمله بل يضاعف عليه آلاماً جهنمية.
وكذا يقول - لكن في زمان قليل - : فالمصيبة عمّت وطابت، فلا عليّ اني كأمثالي فلا اُبالي! لكن يجيء زمان عن قريب، تتضاعف عليه المصيبة بدرجة عمومها، كاصابة الشخص في نفسه ثم أقاربه وأحبابه، لأن في روح المرء علاقات بأبناء جنسه فمهما عمّت المصيبةُ تضاعفت البلية.
ايها الشاك الغافل! لاتحسب ان تذوقه بيدي الغفلة والشك لذة لذيذة، بل فيه ادخار آلام أليمة، ستهجم عليك دفعةً وتنقلب آلاماً جهنمية. فإن احببتَ ان يتبدل لك هذه الآلامُ المترصدة لذائذَ متجددةً، وتنقلب هذه النارُ نوراً؛ فقوِّس انفَ غرورك بالركوع في الأوقات الخمسة، ووسِّع رأسه لنزول ضيفِ الفرقان مع فيض الايمان. فلابد من المداواة بالتفكر بالآيات وملازمة مَرارة هذه الضلالات، وتنكشف لذة المناجاة..