ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الذيل | 250
(246-254)

ومنها: ﴿شَهِدَ الله أنّهُ لا إلهَ الاّ هُوَ﴾(آل عمران:18) فمع ما سمعت:
فاعلم! ان مَثَل اسناد الصنعة الى الممكن على الوجوه الثلاثة الاُول، والى الواجب كما هو الحقُّ؛ كَمَثلِ الشجرة باثمارها إن اسندتها للوحدة، بان اسندتها بقوانين النمو الى جرثومها المستمد من النواة الممتثلة للاوامر التكوينية المُفاضة من أمر (كُن) الصادر من الواحد الواجب. فالشجرةُ بجميع اجزائها واوراقها وازهارها واثمارها كثمرةٍ واحدة، ولا فرق بين شجرة ذات ثمرتين كخردلتين، وشجرة كجبل ذات اثمار غير محدودة من الجوز الهندي (لسر مجهول(1) في وجود السهولة واليُسر في الوحدة والاتفاق، حتى في تشريك المساعي وتوحيدها بتقسيم الاعمال.. ووجود الصعوبة والعسر في الكثرة والتشتت).
وأما اذا اسندت الى الكثرة الامكانية وغير ما عيّنه الصانع؛ لاحتاج كُلُّ ثمرةٍ وكلُّ زهرةٍ وكلُ ورق وكل غصن الى كلِّ ما يحتاج اليه كلُّ الشجرة، لاندماج انموذج الكل في جزءٍ جزءٍ. فانظر ما تَرَى: ما بين الشقين، كما بين الوجوب والامتناع؛ اذ سهولة الاوّل بدرجة جاز أن يقال يجب ان يكون هكذا.. وصعوبة الثاني بدرجة تضطرنا ان نقول : يمتنع ان يكون كذا.
الحاصل: ان أعطيتَ التصريف لغيره تعالى لزمك:
اما ان تجعل كلَّ حجيرة من حجيرات اجزائك محيطة بصفاتها بالكائنات، إن اسندتها الى نفسها.. وإما ان تجعل كلَّ حجيرة كحجرة تجتمع فيها مجموع أسباب العالم العاملة فيها، إن اسندتها الى الاسباب؛ لأن وحدةَ الحجيرة الى ان تصل الى وحدة العالم تدل على وحدة الصانع، اذ الواحد لايصدر الا عن الواحد، لاسيما الحجيرة التي

----------

(1) [لم ينكشف ذلك السر بعد اثناء تأليف هذه الرسالة، الاّ انه اتضح بعد ذلك بـ( الشفافية والمقابلة والموازنة والانتظام والتجرد والاطاعة)]. المؤلف.

لايوجد صوت