ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | ذيل الذيل | 247
(246-254)

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين..
اعلم! ياسعيد الشقي! لاتنظر الى ماليس لك، بل انظر اليكَ، ايُّ شئ انت؟ وما انت؟ وبِمَ تستند؟ اذ انت عَجزٌ متجسّدٌ واحتياجٌ محضٌ ومجسّمُ إنعامٍ ونومٌ مموَّهٌ باليقظة.
فالعجز جسدُك والاحتياجُ روحٌ فيه يتحرك، والإنعام جسمك، وحياتُك نومٌ تسكن به. (اي واه) واشقاوتا أغرقُ في قطرة تصير بحراً عليّ، واغيبُ في آن يصيرُ كالأبد، واظن لمعةَ هذه الحياة شمساً شارقة!
ايها السعيد المسكين! مارأس مالك الا ستون ديناراً تقريباً، اخذت خمسة واربعين فصرفتها كلَّها لمصارف يوم في خانِ الدنيا، ونسيتَ بيتكَ وما يلزم له فصار مالُكَ عليكَ ديْناً وناراً، وما بقيَ من خمسة عشر ديناراً مجهولٌ لاتدري أتأخُذُها او بعضها او لاتأخذ شيئاً منها. فكلما اخذت شيئاً منها فاصرفه لبيتك الدائمي. ولا اقل استَبْقِ لكَ ثُلثه ليَصيرَ لك ديناً ونُوراً. فما اجهلكَ واشدكَ خسارة! صرفت كلِّ الماخوذ ليوم زائل وما بقي في يدك لمقامك الباقي الا اقلَّ قليل، وانت راحلٌ غافلٌ، كانت لك ثلاث درجات.. خطوت على اثنتين بخروجك من المنزل والبلد، فرفعت قدمك لتخطى على الدرجة الثالثة بالخروج من الدنيا الفانية.
اعلم!(1) انه كَبُرَتْ كلمةً تخرجُ من افواه الناس، اذ يقولون: (تشكَّل بنفسه) .. و(اقتَضَتْهُ الطبيعة) و(اوجَدَتْهُ الاسباب) . فهذه الجمل الثلاث باطلة، ومن ظروف المحالات: اذ انك موجود، فإما انتَ مصنوعُك بالنظر الى الجملة الاولى.. وإما مصنوع اسباب العالم كما اقتضته الثانية.. وإما مصنوعٌ بطبيعة موهومة، وقوة عمياء كما تدل عليه الثالثة.. وإما مصنوع الله كما يستلزمه الحق والحقيقة.
اما الاوّل: فمحالٌ بوجوهٍ غير محصورة:

-------------------

(1) اللمعة الثالثة والعشرون (رسالة الطبيعة) تفصيل لهذه الفقرات

لايوجد صوت