لا يقيدها الزمان. ولو صورت (ساعة) لها اميال متداخلة لاجل ان تكون ميزاناً تشير الى درجات سرعة الحركات الموجودة في مصنوعات الله. لا سيما لبيان درجات سرعة الصوت، والضياء، و(الالكتريق)، والخيال، ونور العقل، والملك، والروح. فميلٌ يعدّ الساعات وميلٌ الدقائق، وميل الثواني الى الميل الذي يعدّ العاشرات(5)، مع محافظة النسبة بين كلّ آنين من معدود اول الاميال الى آخرها. ففي تلك الساعة مدار الميل العاد للساعات المشير الى ابطأ الحركات، لو كان مثل دائرة ساعتك هذه، لكان مدار الميل العادّ للعاشرات المشيرة لاسرع الحركات مثل مدار زحل بل اوسع، فافرض احدا ركب ميل الساعات وواحداً امتطى ظهر ميل العاشرات، فانظر كم بين ما رأيا وقطعا فقد انطوى لهذا ما انبسط لذاك بدرجة تكون ثانية ذا، سنة هذا. ولان الحركة كجسم الزمان او الزمان كلونها، فما يجري فيها، يجري فيه ايضا. فلم لا يجوز للولي الغالب روحه على جسمانيّته ان يُصدر افاعيلَه على مقياس سرعة الروح والخيال؟
اعلم ! انه قد يستعظم المرء النتيجة وهي التوحيد المحض الخالص، ولا يسعها ذهنُه الكاسد، او لا يتحملها خياله الفاسد. فيشرع يردّ براهينها الصحيحة القاطعة، ويتعلل بان نتيجة بهذه العظمة لا يمكن ان يقبلها ويقيمها هذا البرهان، ولو كان في غاية القوة. فالمسكين لا يعرف ان قيوم النتيجة الايمان، وما البرهان الا منفذ ينظر اليها.. اومكنسة يطهّر الاوهام عنها. مع ان البرهان ليس واحداً، بل لها براهين عدد رمال الدهناء(1)، وبمقدار حصى البطحاء(2) وقطرات الامطار وامواج البحار.
----------------------
(5) تنقسم الدقيقة الواحدة الى (60) ثانية وكل ثانية الى (60) ثالثة وهكذا الى العاشرة. وفي رسالة (المعراج النبوي) تفصيل لهذه المسألة.
(1) الدهناء : الفلاة.
(2) البطحاء: مسيل واسع فيه رمل ودقائق الحصى.