الظل في السجون والمنافي، بكتابة تاريخ حياة أستاذهم وهو مازال بينهم، ثم عرضوا عليه ما كتبـوه، فأقرّ عملهم بعد قيامه بحذف كل ما فيه إطراء أو إشادة لشخصه. وبعد الحذف والتشذيب نشروه في سنة 1958 تحت اسم (تاريخجه حياة) أي تاريخ الحياة.
وقد برز بعد ذلك باحثون في هذا الميدان وكتبوا باللغة التركية أبحاثهم ودراساتهم، وغدت تلك الدراسات مصادر لا يستغنى عنها لدى الكتابة عن حياة الأستاذ، نخص منهم بالذكر الأخوين الكريمين عبد القادر بادللى و نجم الدين شاهين أر، فكتب الأول (حياة بديع الزمان سعيد النورسي بصورة مفصلة) في ثلاثة مجلدات(1): Bediuzzaman Said-i Nursi, Mufassal Tarihce-i Hayati
وكتب الآخر: Bilinmeyen Taraflariyle B.S.Nursi (جوانب مجهولة من حياة بديع الزمان)(2) و Son Sahitler (الشهود الأواخر) في أربعة مجلدات. وقد ضم كل منهما إلى مؤلفاتهما الوثائق التاريخية والمستمسكات الرسمية والعلمية بعد أن تجشما عناء الأسفار الطوال في سبيل الحصول على المعلومات من منابعها الأصلية.
بيد أني في أثناء سيري في ترجمة (كليات رسائل النور) لاحظتُ، بل لمستُ لمس اليد أن الأستاذ النورسي قد سجّل أغلب الأحداث التي مرّت به أو مرّ بـها، بل حتى خواطره ومعاناته النفسية والروحية، ونظراته واراءه وتحليلاته للأحداث، سجلها كلها في الرسائل إلا انه نثرها نثراً بين ثناياها وضمّها بين فقراتها وعباراتها مستخدماً إياها وسائل في خدمة الإيمان وتحقيقه في القلوب وترسيخه في العقول. فلم تعد تلك الذكريات، ذكريـات تاريخية عابرة و إنما أصبحت أحداثاً متفاعلة مع الحياة والإيمان، وكذلك وسائل ودلائل وإشارات إلى مباحث الإيمان.
ومن هنا فقد آثرت أن أتبع منهجاً متميزاً في كتابة هذه السيرة
--------------------------------------------------------
(1) وقد رمزت لهذا المصدر بـ(ب)
(2) وقد رمزت له بـ(ش)