والاختلاف إعتباري، أي ظاهري، عرضي، بل الدين هو حياة الملية وروحها. فإذا ما نُظر إليهما بأنهما مختلفان ومتباينان، فإن الحمية الدينية تشمل العوام والخواص بينما الحمية الملية تنحصر في واحد بالمائة من الناس، ممن يضحي بمنفعته الشخصية لأجل الأمة.
وعليه فلابد أن تكون الحمية الدينية أساساً في الحقوق العامة، وتكون الملية خادمة منقادة لها وساندة حصينة لها.
فنحن الشرقيين لا نشبه الغربيين، إذ المهيمن على قلوبنا الشعور الديني؛ فإنّ بعث الأنبياء في الشرق يشير به القدرُ الإلهي إلى أن الشعور الديني وحده هو الذي يستنهض الشرق ويسوقه إلى التقدم والرقي، والعصر السعيد -وهو خير القرون والذي يليه- خير برهان على هذا.
فيا زملائي في هذه المدرسة السيارة، أعني القطار، ويا من تسألون عن التفاضل بين الحمية الدينية والملية، ويا أيها الدارسون في المدارس الحديثة. اني اقول لكم جميعاً:
ان الحمية الدينية والملية الإسلامية قد امتزجتا في الترك والعرب مزجاً لا يمكن فصلهما، وان الحمية الإسلامية هي أقوى وأمتن حبل نوارني نازل من العرش الأعظم، فهي العروة الوثقى لا انفصام لها، وهي القلعة الحصينة التي لا تهدم.
قال ذلك المعلمان:ما دليلك؟ يلزم لمثل هذه الدعوى الكبيرة حجة عظيمة ودليل قوي. فما الدليل؟.(1)
حول مؤلف (تعليقات) في المنطق:
((ان هذه الرسالة الموسومة بـ(تعليقات) هي ما كتبه بديع الزمان سعيد الكردي من حواشٍ على كتاب (برهان گلنبوي) ودوّنها احبّ طلابه إليه والملازم له في الدرس الملا حبيب(2) فسجل هذه التقريرات من بديع الزمان على صورة حواشٍ وهوامش.. كان ذلك في سنة 1329هـ ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى وذهب بديع الزمان والملا حبيب كواعظين مع فرقة (وان) إلى جبهة القتال في(ارضروم)، وعادا معاً بعد عام وقد احتلت (وان) من قبل الأرمن، فانسحبنا إلى قضاء (گواش) واستشهد الملا حبيب هناك، فحملت الرسالة التي خطها طوال سني الهجرات من
-----------------------
(1) كن مراجعة النص الكامل في صيقل الإسلام -الخطبة الشامية / 516
(2) الملا حبيب: تتلمذ على الأستاذ النورسي وكان كاتبه الخاص فكتب " إشارات الاعجاز" ومن قبل كتب "تعليقات" ومؤلفات الأستاذ الأخرى ولازمه طوال حياته حتى استشهد في الحرب العالمية الأولى.