السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 120
(86-123)

أيا من اختفى خلف عصر شاهق لما بعد ثلاثمائة سنة(1)، يستمع إلى كلمات النـور بصمت وسكون. وتلمحنا بنظر خفي غيبي.. أيا من تتسمّون بـ(سعيد وحمزة، وعمر وعثمان وطاهر ويوسف وأحمد وامثالهم) إنني أتوجه بالخطاب إليكم:
ارفعوا هاماتكم وقولوا: (لقد صدقت) وليكن هذا التصديق ديْناً في أعناقكم. إن معاصري هؤلاء وان كانوا لا يعيرون سمعاً لأقوالي، لندعهم وشأنهم، إنني أتكلم معكم عبـر أمواج الأثير الممتدة من الوديان السحيقة للماضي - المسمّى بالتأريخ - إلى ذرى مستقبلكم الرفيع. ما حيلتي لقد استعجلت وشاءت الأقدار ان آتي إلى خضم الحياة في شتائها.. أما انتم فطوبى لكم ستأتون إليها في ربيع زاهر كالجنة، ان ما يزرع الآن ويستنبت من بذور النور ستتفتح ازاهير يانعة في أرضكم.. نحن ننتظر منكم لقاء خدماتنا.. إنكم إذا جئتم لتعبروا إلى سفوح الماضي، عوجوا إلى قبورنا، واغرسوا بعض هدايا ذلك الربيع على قمة القلعة.(2)
1911م (1329هـ)
إلى الشام:
[سافر إلى الشام شتاءً في أواخر سنة 1910م (1329هـ) وهناك ألقى خطبة في الجامع الأموي، ثم طبعت في رسالة سميت (الخطبة الشامية)]
من مقدمة الخطبة الشامية:
هذه الرسالة العربية قد أُلقيتْ درساً في الجامع الأموي بدمشق منذ أربعين عاماً(1)، وذلك بناءً على إصرار العلماء هناك، واستمع إليها ما يقرب من عشرة آلاف شخص، بينهم ما لا يقل عن مائة من كبار علماء الشام.
إن الحقائق الواردة فيها، قد أحسَّها (سعيد القديم) بإحساس مسبق. فزفّها بشائر عظيمة بيقين جازم، ظناً منه أن تلك الحقائق وشيكة التحقق، بيد أن الحربين العُظميين، والإستبداد المطلق الذي استمر ربع قرن من الزمان(2) قد أدّيا إلى تأخر تحقق تلك الحقائق أربعين أو

---------------------------

(1) المقصود لما بعد ألف وثلاثمائة سنة.
(2) الملاحق - اميرداغ 2/ 382
(1) المقصود عام 1911م
(2) أى منذ انتهاء الخلافة العثمانية سنة 1924م الى سنة 1950م

لايوجد صوت