وليترجم بلسان الأسئلة عن الذين لا يطيق لسانهم إظهار ما في ضمائرهم. اعني هذا الكتاب يجيب بدلاً عني، ويسأل بدلاً عنهم. ويعاون أطباء السياسة على تشخيص العلة..
فيا أهل الحمية أنبهكم على أن الأكراد وامثالهم صاروا ويصيرون أهل المشروطية فكراً.. ولكن بعض المأمورين لا يتمثلون الشورى فعلاً.. وهذا أشكل من ذاك. مع أن مدرّس العوام الذين عقولهم في عيونهم (الفعلُ).(4)
[ وعندما نظر إلى (المناظرات) بعد مدة طويلة كتب الآتي:]
اولاً: ان هذا المؤلَّف الذي طبع في مطبعة (أبو الضياء) سنة 1329 (1913م) هو الدرس الذي ألقاه سعيد القديم بين عشائر الارتوش ولاسيما عشائر كودان ومامخوران، لأجل افهام الشورى الشرعية للعشائر فهماً صائباً وحملهم على قبولها، وذلك في السنة الثالثة من عهد الحرية. ولكن لم احصل على هذا المؤلّف مع الأسف رغم بحثي عنه منذ ثلاثين سنة، الاّ أن أحدهم حصل على نسخة منه فأرسلها اليّ.
طالعت الكتاب بإمعان وبعقل سعيد القديم وبسانحات سعيد الجديد، فأدركت أن سعيداً القديم شعر بحسّ عجيب مسبق -قبل الوقوع- الوقائع المادية والمعنوية التي تحدث الآن، فقد شعر بها قبل حوالي أربعين سنة. إذ إنه شـاهد ما وراء ستار العشائر الكردية، الخونة الذين جعلوا هذا الزمان قناعاً لهم وهم الملحدون الجاهلون الحقيقيون والرجعيون الذين يحاولون تحت ستار الوطنية إرجاع هذه الأمة إلى عاداتها السابقة قبل عهد الإسلام. فتكلم سعيد القديم معهم بشدة وحاورهم بعنف.
ثانياً: قرأت الصفحات التي يبدو فيها أن بين المستمعين لدرسي ذاك، ولي عظيم - دون علمي به - فقد إعترض إعتراضاً شديداً في ذلك المقام إذ قال:
- أنت تغالي وتفرط، إذ تُظهر الخيال عينَ الحقيقة وتُهيننا بظنك أننا جهلاء، فنحن في عصر آخر الزمان والفساد يستشري وسينقلب من سئ إلى أسوأ.
وكان الجواب في الكتاب:
لماذا تكون الدنيا ميدان تقدمٍ وترقٍ للجميع، وتكون لنا وحدنا ميدان تأخر وتدنٍ. فهل الأمر هكذا؟ فها أنذا آليتُ على نفسي الاّ أخاطبكم، فأدير إليكم ظهري وأتوجه بالخطاب إلى القادمين في المستقبل:
----------------
(4) الصيقل الإسلامي -النص العربي/ 122 ط. انقرة