السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 125
(124-149)

كانت القوات الروسية متجهة نحوها.
وفي أثناء إخلاء الحكومة مدينة (وان) من أهاليها لإنقاذهم من هجوم القوات الروسية عليها، قرر بديع الزمان مع قسم من طلابه الدفاع عن المدينة حتى الشهادة محتمين بقلعتها، الاّ أن بانسحاب الوالي والقائمقام والاهلين والجيش نحو بتليس هاجم فوج من فرسان القازاق الروسية على (وسطان) فكان ملا سعيد وقلة من طلابه وما يقارب الأربعين من الجنود -الذين لم ينسحبوا بعد- يصدونهم، حتى حالوا دون سقوط أطفال الاهلين واموالهم بيد العدو. فتمكن الاهلون جميعاً من النجاة أثناء الانسحاب دون أن ينال العدو منهم شيئاً.
ولأجل قذف الرعب في قلوب المهاجمين القازاق تظاهر هو وطلابه انهم يحتلون تلاً يطل عليهم، مما أوحى إليهم أن مدداً عسكرياً ضخماً قد أتاهم، فحدّ بذلك من تقدم القازاق. فكان سبباً في عدم استيلاء الروس لقصبة (وسطان).
وفي أثناء تلك المعارك كان يعود إلى الخندق ويملي على طالبه النجيب (الملا حبيب) تفسير (إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز) بل كان يملي احياناً وهو على صهوة جواده أو في خط الدفاع الأول حتى اتمّ القسم الأعظم من ذلك التفسير الجليل.))(1)
من المقدمة التي كتبها لإشارات الإعجاز:
لقد تم تأليف تفسير (إشارات الإعجاز) في السنة الأولى من الحرب العالمية الأولى على جبهة القتال بدون مصدر او مرجع. وقد اقتضت ظروف الحرب الشاقة وما يواكبها من حرمان أن يُكْتب هذا التفسيـر في غاية الإيجاز والاختصار لأسباب عديدة.
وقد بقيت الفاتحة والنصف الأول من التفسير على نحو اشد إجمالا واختصارا:
أولاً: لان ذلك الزمان لم يكن يسمح بالإيضاح، نظراً إلى ان سعيداً القديم كان يعبّر بعبارات موجزة وقصيرة عن مرامه.
ثانياً: كان (سعيد) يضع درجة إفهام طلبته الأذكياء جداً موضع الاعتبار. ولم يكن يفكر في فهم الآخرين .
ثالثاً: لما كان يبيّن أدق وأرفع ما في نظم القرآن من الإيجاز المعجز

-------------------------

(1) T. Hayat, ilk hayatı

لايوجد صوت