بمعنى أن الاهلين الذين التجأوا إلينا من حوالينا وأهالي بتليس نفسها واموالهم وأطفالهم ستكون تحت سيطرتهم. فنحن اذاً مضطرون إلى مقاومتهم والدفاع عن المنطقة حتى الموت.
فقالوا: ان الجنود يحاولون تحويل ثلاثين مدفعاً من مدافعنا إلى الجبهة الأخرى لـ(موش) بعد سقوطها فإن استطعت ان تستخلص تلك المدافع بما لديك من المتطوعين، نستطيع نحن عند ذلك من الدفاع لبضعة ايام أخرى لكي ينجو الاهلون.
فقال بديع الزمان: إما أن أموت أو آتيكم بتلك المدافع. فتسلّم قيادة ثلاثمائة متطوع واتجه ليلاً إلى صوب (نورشين) حيث سحبت المدافع إليها. وأشاع مخابروه بين الجنود الروس القازاق الذين كانوا يتولون حراسة تلك المدافع أن قائد المتطوعين الذي دافع عن (بتليس) ومعه ثلاثة آلاف من جنوده ومع القائد موسى بك المشهور مع ألف من جنوده سيأتون لتخليص المدافع.. فما أن أُشيع هذا الخبر المبالغ فيه حتى توقف قائد القازاق من التقدم. فوزّع بديع الزمان جنوده المتطوعين على المدافع وسحبوها إلى (بتليس) حتى أنه خلّص آخر مدفع بنفسه مع اثنين ممن معه.
وهكذا حقق استخلاص ثلاثين مدفعاً من يد العدو وأرسلها إلى بتليس. فتمكن الجنود والمتطوعون من الثبات تجاه العدو بتلك المدافع لبضعة ايام أخرى، حتى نجا الاهلون جميعاً مع أموالهم وذراريهم.
ومما يروى عن الفدائيين الأرمن أنهم اشتهروا بكتمان السر وعدم إفشائه مهما بلغ بهم التعذيب حتى لو يكبّ أحدهم على الجمر وتتفجر عيونه. ومع هذا كان الروس يقولون: ان متطوعى بديع الزمان تفوقوا على فدائيي الأرمن في بسالتهم، حتى تمكنوا من سحق القازاق.
كان بديع الزمان دائم الحركة في خط الدفاع الأول، خط النار لبث الروح المعنوية والشجاعة والإقدام للجنود، وما كان يحتمي بالخندق. وعندما كان على صهوة جواده يندفع يميناً وشمالاً في الصف الأمامي في خط النار، إذ بخاطر يخطر على قلبه ويحفر في روحه فيخاطب نفسه:
إذا استشهدتُ الآن إحذر ان يكون في موقعك هذا وأنت متقدم الجميع في خط النار شئ من حب الظهور الذي يثلم الإخلاص، الذي هو أحد أسس مرتبة الشهادة.. وعقب هذا الخاطر عاد إلى الخندق مباشرة ولم يعقب وانضم إلى أخلائه.
وبعد نجاة الوالي والقائد گل علي والاهلين بانسحابهم ليلاًمع