السيرة الذاتية | الفصل الرابع | 129
(124-149)

المتطوعين والجنود، ظل بديع الزمان مع عدد من المتطوعين في (بتليس) لإنقاذ الذين عجزوا عن الهجرة. وما ان تبدد الظلام حتى رأوا أنفسهم تجاه فوج من جنود العدو فاستشهد كثيرون ممن معه، ومنهم ابن أخته (عبيد) ولم ينج الاّ هو واربعة من طلابه باختراقهم صفوف العدو بشكل خارق.
فخاطب من معه مسلياً لهم: لا نستعمل سلاحنا الاّ عندما يجابهنا العدو بعدد غفير، فلا نبيع انفسنا رخيصاً. ولا نطلق ما لدينا من طلقات على واحد أو اثنين من العدو.))(1)
الأسر:
لقد أحاطتني أوضاع مخيفة جداً في تلك الحرب العالمية، حتى تمزقت المسودة الأولى لإشارات الإعجاز بيد العدو حيث أصابتني أربع قذائف دفعة واحدة، وجُرحت في إحداها، وانكسر ساقي، فبقيت في الماء والطين اربعاً وثلاثين ساعة منتظراً الموت، ومحاصراً من قبل العدو. فهذا الوقت يعدّ احلك أوقاتي اليائسة واشدها رهبة.(2)
((وإنها لعناية إلهية ان الجنود الروس لم يعثروا عليهم رغم البحث المستديم ورغم أنهم كانوا في وضع يرون الروس. فقال لطلابه الفدائيين:
أصدقائي.. لا تقفوا في مواضعكم هكذا، اتركوني وشأني. فإني لا أسامحكم، اسعوا لإنقاذ أنفسكم.
فأجابوه: لا نتركك قطعاً وأنت في هذا الوضع. فلنستشهد ونحن في خدمتكم.
وهكذا ظلوا مع أستاذهم حتى أسرهم الروس.))(3)
----------------------

(1) T. Hayat, ilk hayatı
(2) ب/305 عن اللمعات - عثمانية 870
(3) T. Hayat, ilk hayatı
بعد ان انكسرت ساق الأستاذ اجتمعنا حوله حالاً واخذناه الى جدول ماء مسقف. ووضعنا عدداً من بنادقنا في جدول الماء ومددنا ساقه عليها، حتى أخذ قسطاً من الراحة. ثم توجه إلينا قائلاً: أخوتي لقد حكم عليّ القدر بالأسر، انظروا الى أمر نجاة انفسكم . فما أن قال هذا حتى اجهشنا بالبكاء، وقلنا: الى اين نذهب أيها الأستاذ، فهل يمكن أن نتركك وانت على وضعك هذا، ألم يبق لنا شرف وغيرة، فلئن متنا أو بقينا أحياء فليكن ذلك في خدمتك.
وهكذا مضت علينا اربع وثلاثون ساعة من الوقت ونحن في ذلك الموضع، والبرد الشديد يهلكنا فالثلوج تغطى كل مكان والجوع يفتك بنا -منذ ثلاثة أيام- فضلاً عن الأرق الشديد والخوف يلفنا من كل جانب...
وأخيراً قررنا أن يذهب احدنا -وهوعبدالوهاب الذي يعرف شيئاً من الروسية- لإبلاغ الروس

لايوجد صوت