الدوام. ومن الله التوفيق.(1)
وقد أعجب بهذا التفسير القائد العام أنور باشا إعجاباً كبيراً إلى درجة أنه هرع إلى استقباله(2) بكل احترام -وهذا ما لم يفعله مع أحد- وقرر إعطاء الورق اللازم لطبع هذا الكتاب لكي تكون له حصة من شرف تلك الهدية ومن ثوابها، هدية الحرب كما ذُكر جهاد مؤلف الكتاب في الحرب بكل خير وبكل تقدير...(3)
إنقاذ ما يمكن إنقاذه:
وفي خضم تلك المعارك الدامية(4) استشهد ما يقارب العشرين من طلابه النجباء، أما طالبه الكاتب (ملا حبيب) فبعد أن ادّى واجباً عسكرياً مع (خليل پاشا) في جبهة (وان) استشهد في (وسطان).(4)
((وكان الفدائيون الأرمن يذبّحون أطفال المسلمين في عدد من المناطق وكان المسلمون يقابلونهم بالمثل في ذبح أطفال الأرمن. ولكن ما ان جُمع ألوف من أطفال الأرمن في المنطقة التي كانت تحت إمرة بديع الزمان حتى أمر الجنود: لا تتعرضوا لهؤلاء الأطفال بشئ. ثم أطلق سراحهم جميعاً دون ان يمس أحدهم بسوء. فعادوا إلى عوائلهم التي كانت خلف الخطوط الروسية. هذا السلوك كان درساً قيماً وعبرة للأرمن مما دفعهم إلى الإعجاب بأخلاق المسلمين.
وعلى إثر هذه الحادثة تخلى فدائيو الأرمن عن عادتهم في ذبح أطفال أهالي القرى التي احتلتها القوات الروسية حيث قالوا: ان ملا سعيد لم يذبح أطفالنا بل سلّمهم إلينا فنحن كذلك نفعل بأطفال المسلمين مثله. فتعاهدوا على ذلك. أي إن بديع الزمان اصبح سبباً في إنقاذ الآلاف من الأطفال الأبرياء من كلا الجانبين.
وبعد مدة استولى الروس على مناطق (وان وموش) وفي أثناء هجومهم بثلاث فرق على (بتليس) قال الوالي (ممدوح بك) والقائد (گل على) لبديع الزمان :
نحن مضطرون إلى الانسحاب إذ لا نملك سوى فوج من الجنود وحوالي ألفين من المتطوعين تحت إمرتكم. فقال لهم بديع الزمان:
--------------------------
(1) اشارات الاعجاز/ 17،21
(2) أي استقبال الأستاذ عند عودته من الاسر .
(3) الشعاعات/514
(4) أي ليلة سقوط مدينة بتليس .
(4) قبل سقوط بتليس بشهر.