السيرة الذاتية | الفصل الخامس | 302
(253-304)

بست كلمات على أسئلة كبير قساوسة انكلترة الذي أراد الإجابة عليها بستمائة كلمة، والذي كان يخطب في بداية عهد الحرية كأي سياسي متمرس... هل من الممكن الا يوجد في مائة وعشرين رسالة من رسائل هذا الشخص سوى خمس عشرة كلمة تتعلق بالسياسة وبأمور الدنيا؟ أيمكن لأي عقل أن يقتنع بان مثل هذا الرجل يسلك طريق السياسة وله أهداف دنيوية؟ لانه لو كان يهتم بالسياسة وبالتعرض للحكومة لظهر ذلك صراحةً او ايماءً في مائة موضع من مواضع كتاب واحد فقط. ولو كانت غايته توجيه النقد السياسي أما كان بإمكانه أن يجد ما ينقده غير موضوع الحجاب وغير موضوع الميراث وهما من المواضيع ومن الدساتير الموجودة منذ السابق؟
إن أي شخص يملك فكراً سياسياً معيناً يستطيع أن يجد مئات الآلاف من المواضيع التي ينتقدها لنظام هذه الحكومة التي قامت بانقلاب كبير ولا يقتصر على موضوعين معلومين فقط. فهل يمكن حصر الانقلاب الذي قامت به الحكومة الجمهورية على مسألتين صغيرتين فقط؟ ومع أنني لم اقصد توجيه أي انتقاد لها فقد التقطوا كلمتين او ثلاثاً وردت في كتاب او كتابين كتبتهما سابقاً وادّعوا بانني أهاجم نظام الحكومة أهاجم انقلابها. وأنا أسألكم الآن: هل يعقل اشغال البلد بطوله وعرضه ونشر جو من الخوف فيه لمجرد تناولي لمسألة علمية لا تتطلب إصدار أية عقوبة من جرائها مهما كانت صغيرة؟
إن القيام بإصدار عقوبة خفيفة وتافهة في حقي وفي حق بضعة أشخاص من أصدقائي ونشر دعايات مكثفة وشديدة ضدنا في عموم البلد، وإشاعة جو من الخوف والإرهاب بين الناس لكي ينفروهم منا ويبغضونا في أعينهم، وجلب وزير الداخلية (شكري قايا) قوة كبيرة إلى مدينة (اسپارطة) لتقوم بمهمة يستطيع القيام بها جندي واحد -وهي القيام بالقاء القبض علي وسجني- وقيام رئيس الوزراء عصمت (اينونو) بزيارة الولايات الشرقية بهذه المناسبة، وكذلك منعي من الحديث والتكلم شهرين كاملين في السجن وعدم السماح لأي أحد بالسؤال عن حالي او إرسال تحية لي وأنا وحيد في هذه الغربة..كل هذا يشير إلى وضع غريب جداً لا معنى له ولا حكمة فيه لا تليق بأية

لايوجد صوت