دائرة حياة الروح وميدانها اعظم واوسع بكثير حيث تسع سنين قبل يومها الحاضر وسنين بعده.
وهكذا، بناءً على هذا الاستعداد، فان عمر الانسان الفاني يتضمن عمراً باقياً من حيث حياته القلبية والروحية اللتان تحييان بالمعرفة الالهية والمحبة الربّانية والعبودية السبحانية والمرضيات الرحمانية، بل ينتج هذا العمر الباقي الخالد في دار الخلود والبقاء، فيكون هذا العمر الفاني بمثابة عمر ابدي.
اجل! ان ثانية واحدة يقضيها الانسان في سبيل الله الباقي الحق، وفي سبيل محبته، وفي سبيل معرفته وابتغاء مرضاته، تعد سنة كاملة. بل هي باقية دائمة لايعتريها الفناء. بينما سنة من العمر ان لم تكن مصروفة في سبيله سبحانه فهي زائلة حتما، وهي في حكم لحظة خاطفة، فمهما تطول حياة الغافلين فهي بمثابة لحظات عابرة لاتجاوز ثانية واحدة.
وهناك قول مشهور يدل على هذه الحقيقة:
سِنة الفراق سَنةٌ وسَنةُ الوصال سِنة.
أي ان ثانية واحدة من الفراق طويلة جدا كأنها سَنة واحدة، بينما سنة كاملة من الوصال تبدو قصيرة كالثانية الواحدة.
بيد اني أخالف هذا القول المشهور فأقول: ان ثانية واحدة يقضيها الانسان ضمن مرضاة الله سبحانه وفي سبيل الباقي ذي الجلال ولوجهه الكريم. أي ثانية واحدة من هذا الوصال ليست كسنة وحدها، بل كنافذة مطلة على حياة دائمة باقية. أما الفراق النابع من نظر الغفلة والضلالة فلا يجعل السنة الواحدة كالثانية، بل يجعل الوف السنين كأنها ثانية واحدة.
وهناك مثل آخر اكثر شهرة من السابق يؤيد ما نقرره وهو:
أرض الفلاة مع الاعداء فنجان سمّ الخياط مع الاحباب ميدان