اللمعات | اللمعة التاسعة | 59
(51-68)

الجواب: اننا يا اخي لسنا في هذه الخدمة القرآنية بارادتنا ولا بتدبيرنا للامور. بل ان اختياراً – وهو خير لنا – فوق اختيارنا وخارج ارادتنا يهيمن على اعمالنا واختيارنا.
اعلم ان علم الجفر يُشغل الانسان عن وظيفته الحقيقية ويصرفه عنها، لما فيه من ذوق وولع. حتى كانت تحل لي أسرار تخص القرآن بذلك المفتاح لمرات عدة، ولكن ما ان اتوجه اليها بشوق وذوق توصد الابواب دوني. فوجدت في هذا الأمر حكمتين:
الاولى: احتمال الوقوع في موضع ينافي الادب اللائق بالقاعدة الاساسية (لا يعلم الغيب الاّ الله).
الثانية: ان العمل على ارشاد الامة الى حقائق الايمان والقرآن بوساطة البراهين الدامغة، له من الفضائل والمزايا يفوق مائة درجة على العمل بارشادهم بالعلوم الخفية كعلم الجفر. حيث ان الحجج القاطعة والدلائل الثابتة لا تدع مجالا للإساءة في تلك الوظيفة السامية. بينما علم الجفر وامثاله من العلوم الخفية غير المنضبطة بقواعد محكمة، قد يساء استعماله بولوج الماكرين فيه. علماً انه متى ما احتاج الامر اليه لخدمة الحقائق، فان الله سبحانه يحسن نبذة منه حسب الحاجة.
واعلم ان أيسر مفتاح من بين مفاتيح علم الجفر، وانقاها، بل أجملها وأحسنها هو انواع التوافقات الناشئة من اسم (البديع) والتي اظهرت شعاعاً من نورها في توافق لفظ الجلالة في القرآن الكريم وزينت الآثار التي نقوم بنشرها. علماً انه وُضّح شيء منها في عدة مواضع من رسالة الكرامة الغوثية. نذكر منها:
ان التوافق اذا ما أظهر شيئاً في عدة جهات، فهو اشارة بدرجة الدلالة، علماً أنه قد يكون توافق واحد احياناً مع بعض القرائن بمثابة دليل ويحل محله.

لايوجد صوت