اللمعات | اللمعة التاسعة | 57
(51-68)

فأخطأوا حتى بلغ بهم الامر ان ينكروا القاعدة الاساسية المعروفة: (حقائق الاشياء ثابتة).
اما اهل الحقيقة فانهم يرون بسر الوراثة النبوية وبصراحة القرآن الكريم وآياته البينات:
ان النقوش التي توجد في مرايا الموجودات بقدرة الله وارادته انما هي من آثاره سبحانه وتعالى. فكل موجود انما هو منه تعالى وهو الذي يوجده، وليس كل موجود هو، حتى يقال: لا موجود إلا هو. اذ للاشياء وجود، وهو وجود ثابت الى حد ما، وان كان هذا الوجود وجوداً ضعيفاً كأنه وهمي وخيالي بالنسبة الى وجوده تعالى، إلا انه موجود بايجاد القدير الأزلي وإرادته وقدرته.
ان للشمس المشهودة في المرآة وجودا مثالياً عدا وجودها الخارجي الحقيقي.
ولها وجود خارجي عرضي آخر يلون المرآة بزينته اذ تنبسط عليها صورته.
ولها وجود خارجي عرضي ايضاً، وهو وجود ثابت الى حد ما وهو الصورة المنتقشة على الورقة الحساسة خلف المرآة.
فكما ان للشمس وجودات هكذا في المثال كذلك الامر في مرآة الكون ومرايا ماهية الاشياء. فان نقوش المصنوعات الظاهرة بتجليات الاسماء الإلهية الحسنى الحاصلة بالإرادة الإلهية واختيارها وقدرتها، لها وجود حادث غير وجود الواجب الوجود. وقد منح بالقدرة الالهية ثباتا لهذا الوجود ولكن لو انقطع الارتباط فنيت الاشياء وانعدمت مباشرة. فكل شيء محتاج لبقائه في كل آن الى ابقاء خالقه له، فان حقائق الاشياء وان كانت ثابتة ولكن ثابتة باثباته سبحانه لها وتثبيته اياها.

لايوجد صوت