ان بيان الفرق الاساس بين مشرب الشيخ محي الدين بن عربي واهل التحقيق من العلماء، وبيان منابعهما ومصادرهما يحتاج الى دراسة عميقة وبحث دقيق ونظر واسع رفيع.
نعم! ان الفرق دقيق جداً وعميق جداً الى درجة كبيرة، والمصدر رفيع وسام الى حد كبير، بحيث لم يؤاخذ الشيخ ابن عربي على خطئه، وانما ظل مقبولا لدى العلماء. اذ لو كان الفرق والمصدر مشهودين واضحين علماً وفكراً وكشفاً لكان سقوطاً مريعاً للشيخ وخطأ جسيما له.
ولكن لما كان الفرق عميقا جداً، فاننا نحاول أن نبين خطأ الشيخ في تلك المسألة فحسب ونوضح ذلك الفرق وتلك المنابع في مثال باختصار شديد:
فمثلا: الشمس تشاهد في مرآة. فهذه المرآة هي مظروف الشمس، وموصوفها. بمعنى ان الشمس توجد فيها من جهة، ومن جهة اخرى تزين المرآة حتى تكون صفتها اللامعة وصبغتها الساطعة.
فان كانت تلك المرآة، مرآة آلة تصوير فانها ستنقل صورة الشمس على ورقة حساسة بصورة ثابتة. ففي هذه الحالة فالشمس المشهود في المرآة وماهيتها المرتسمة على الورقة وصفاتها، وتزيينها المرآة – حتى غدت كأنها صفتها – هي غير الشمس الحقيقية. فهي ليست شمسا، بل هي دخول تجلي الشمس في وجود آخر.
اما وجود الشمس المشهودة في المرآة فهو وان لم يكن عين وجود الشمس الموجودة في الخارج الا انه قد ظن انه عين وجودها لارتباطه بها واشارته اليها.
فبناء على هذا المثال:
فان القول بأن: (ليس في المرآة غير الشمس الحقيقية) يمكن ان يكون صوابا باعتبار المرآة ظرفا وان المقصود من الشمس التي فيها وجودها الخارجي. ولكن اذا قيل ان صورة الشمس المنبسطة على