اللمعات | اللمعة العاشرة | 72
(69-84)

وبمصيري فحسب، فأوصيت الاصدقاء بترك مقابلتي وانسحبت من ميدان العمل.. وجاء النفي مرة أخرى.. فنفيت الى منفى ثالث.. الى (بارلا).
وكنت فيها كلما اصابني الفتور في العمل للقرآن واستولى عليَّ التفكير بخاصة نفسي واصلاح آخرتي، كان أحد ثعابين أهل الدنيا يتسلط عليَّ، وأحد المنافقين يتعرض لي. وأنا على استعداد الآن أن أسرد على مسامعكم ثمانين حادثة من هذا النوع خلال ثماني سنوات قضيتُها في (بارلا) ولكن خشية الملل أقتصر على ما ذكرت.
فيا اخوتي! لقد ذكرت لكم ما أصابتني من لطمات الرأفة وصفعات الشفقة والحنان، فاذا سمحتم بأن أسرد ما تلقيتموه أنتم من لطمات رؤوفة أيضاً فسأذكرها، وأرجو ألا تستاءوا، وان كان فيكم من لا يرغب في ذكرها فلن أصرح باسمه.
المثال الثاني: هو أخي (عبدالمجيد) وهو من طلابي العاملين المخلصين المضحين.. كان يملك داراً أنيقة جميلة في (وان) وحالته المعاشية على مايرام، فضلاً عن أنه كان يزاول مهنة التدريس.. فعندما استوجبت خدمة القرآن ذهابي الى مكان بعيد عن المدينة، على الحدود، أردت استصحابه، الا أنه لم يوافق وكأنه رأى أنه من الافضل عدم ذهابي أنا كذلك، حيث قد يشوب العمل للقرآن شيء من السياسة وقد يعرضه للنفي، وفضّل المكوث حيث هو ولم يشترك معنا. ولكن جاءته اللطمة الرحمانية بما هو ضد مقصوده، وعلى غير توقع منه، اذ أُخرج من المدينة وأُبعد عن منزله الجميل وأُرغم على الذهاب الى (أرغاني)(1).
الثالث: وهو (خلوصي) وهو من البارزين في خدمة القرآن، فعندما سافر من قضاء (أطريدر) الى بلدته، تيسرت له اسباب التمتع بمباهج الدنيا وسعادتها، مما دفعه الى شيء من الفتور عن خدمة

----------------

(1) قضاء يبعد عن مدينة (وان) 500 كم غرباً. – المترجم.

لايوجد صوت