ان لم أؤد الصلاة على الوجه البدعي، أُمنع من عملي، وان تركتُ الجامع ولم أصلِّ فيه اماماً للجماعة، يضيع مني ثواب عظيم ولاسيما في هذه الشهور الثلاثة فضلاً عن أن أهل المحلة سيعتادون على ترك الجماعة.. فرغبت في نفسي أن لو يغادر الاستاذ – وهو أحب اليَّ من روحي – القرية (بارلا) يغادرها مؤقتاً الى قرية اخرى كي أؤدي الصلاة وفق الامور المحدثة. ولكن فاتني شيء هو أن لو غادر الاستاذ هذا المكان فسوف يفتر العمل للقرآن ولو مؤقتاً. فجاءتني العقوبة في هذه الاثناء، وكانت لطمة قوية جداً مع ما فيها من حنان ورأفة. حتى انني لم أفق من شدتها منذ ثلاثة شهور.
فأملي عظيم في سعة رحمته تعالى أن يجعل كل دقيقة من دقائق تلك المصيبة بمثابة عبادة يوم كامل – كما أخبرني به الاستاذ بما ألهمه الله – حيث أن ذلك الخطأ لم يكن قد بدر مني لدوافع شخصية، وانما هو خطأ اجتهادي في التفكير، ولم ينجم الا عن تفكيري بآخرتي وحدها.
الخامس: هو (السيد حقي). وحيث أنه ليس حاضراً معنا، فسأنوب عنه كما نُبْتُ عن (خلوصي) فأقول:
كان السيد حقي يوفي حق مهمته في العمل للقرآن أيما ايفاء. ولكن عندما عُين قائمقام سفيه للقضاء، فكر السيد حقي أن يخبىء ما لديه من رسائل خشية أن تصيبه واستاذه أذىً منه، فترك خدمة النور مؤقتاً، واذا بلطمة ذات رحمة وحنان تواجهه، اذ فُتحت عليه دعوى كادت تلجئه الى دفعٍ ألف ليرة كي يبرأ منها، فبات تحت وطأة التهديد طوال سنة كاملة. حتى أتانا عائداً الى وظيفته طالباً في خدمة القرآن، فأنقذه الله من تلك الورطة ورُفع عنه الحكم، وبرئت ساحته.
ثم عندما فُتح أمام الطلاب ميدان عمل جديد للقرآن وهو استنساخه بخط جميل وبنمط جديد، أُعطي للسيد حقي حصته من الاستنساخ، فأجاد القيام بما كلف، وكتب جزءاً كاملا من القرآن الكريم أحسن كتابة، ولكن لأنه كان يرى نفسه في حالة مضطرة من